لكن بعد بضع ساعات أخرى، أخذت القضية بُعدًا آخر تمامًا.
وفقًا لما كشف عنه الموقع الاستقصائي "لو ديسك"، فإن هجوم مجموعة "جبروت" لم يقتصر على تخريب موقع واجهاتي فقط. بل تمكّنوا في الواقع من اختراق خوادم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) بشكل مباشر، مما أدى إلى دخول البلاد في أزمة سيبرانية بالغة الخطورة. تمَّ تسريب بيانات تخص أكثر من 500,000 شركة، واستخراج 54,000 ملف PDF، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من تصاريح الرواتب، والأهم من ذلك، بيانات سرية تخص مؤسسات كانت تُعتبر محصّنة، مثل صندوق محمد السادس للاستثمار، بنوك مثل "كريدي دو ماروك" و"البنك الشعبي"، بالإضافة إلى بعض وسائل الإعلام، وحتى مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب
في ظل المعلومات المتوفرة، ومع انتظار أي تأكيد أو نفي رسمي، سيكون من الصعب تجاهل ما يُنشر على منصات رقمية مثل واتساب. قد يكون الأمر أبعد من مجرد هجوم موجه، يبدو أنه قد يكون جزءًا من محاولة لزعزعة استقرار النظام بشكل أوسع.
فيما يتعلق بالتداعيات المحتملة لهذه الهجمة السيبرانية، فإنها يمكن أن تؤثر على عدة جوانب. أولاً، فيما يخص حماية البيانات، قد تتعرض سمعة المؤسسات المغربية للخطر. فإذا تم بالفعل تسريب ملفات تحتوي على معلومات حساسة، مثل الرواتب الخاصة ببعض الشخصيات البارزة، فهذا يكشف عن ضعف في مستوى الأمان السيبراني في بعض المؤسسات الأساسية. وفي وقت يسعى فيه المغرب لتحقيق طموحات كبيرة في مجالات التكنولوجيا والتحول الرقمي، فإن هذه التسريبات قد تؤدي إلى فقدان الثقة وتكشف عن تأخر واضح في تأمين البنى التحتية الحيوية
علاوة على ذلك، لا ينبغي تجاهل البُعد الجيوسياسي لهذه الهجمة المحتملة. فاستهداف القراصنة الجزائريين، بحسب ما يُزعم، لمكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب ربما لم يكن صدفة. قد يكون هذا بمثابة إشارة سياسية، ربما تكون ردًا على تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب. في هذا السياق، تكتسب البُعد السيبراني الدبلوماسي أهمية كبيرة: فقد تكمن وراء هذه الرموز المجهولة رسائل جيوستراتيجية ذات مغزى
فهل يتعلق الأمر بحادث عرضي ومعزول، أم أننا أمام الفصل الأول من حرب رقمية خفية بين الرباط والجزائر؟ وهل المغرب مستعد حقًا لمواجهة هذا النوع الجديد من التهديدات في الفضاء السيبراني؟ والأهم من ذلك، إن ثبتت صحة هذه الوقائع، فما الدروس التي ينبغي استخلاصها لتفادي تكرار مثل هذه الثغرات التي قد تتحول مستقبلاً إلى أسلحة توجه ضد أمن المملكة؟