بقلم: سارة البوفي
في فجر ذلك السبت، دوّى صوت الصواريخ من غزة، كأنها صرخة وجودية تعلن عن بدء “طوفان الأقصى”، عملية حملت في طياتها معاني المقاومة والتمرد على واقع خانق. لم تكن مجرد فعل عسكري، بل كانت بيانًا فلسفيًا، يقول للعالم إن غزة، رغم حصارها، قادرة على أن تفرض حضورها في مشهد عالمي يعج بالنفاق.
لكن وسط ضجيج الصواريخ وصخب التصريحات، كانت غزة، المدينة المنهكة، تدخل حربًا لم تخترها، حربًا تجاوزت حدود الدمار المادي لتصل إلى محاولة إفناء الروح ذاتها. تحوّل السابع من أكتوبر إلى مرآة عاكسة لكل ما تراكم من ظلم منذ النكبة، مرآة تكشف عن هشاشة القيم الإنسانية حين يكون الضحية فلسطينيًا.
ما بعد السابع من أكتوبر كان مختلفًا. ليس لأن الحرب هذه المرة كانت أشد عنفًا، بل لأن آلة الحرب قررت أن تمحو الحياة من أصلها. لم تعد القذائف تميز بين مقاتل ورضيع، بين جدار وجسد، بين مدرسة ومستشفى. في هذه الحرب، كان الهدف هو جعل غزة مجرد ذكرى، مدينة بلا صوت، بلا ذاكرة، وبلا مستقبل.
ومع ذلك، لم تمت غزة. بل تحولت إلى رمز وجودي، إلى تجسيد حي لفكرة المقاومة التي لا تنطفئ. وسط الركام، استمرت النساء في خبز الخبز على النار المكشوفة، ورسم الأطفال بأقلام الفحم على الجدران المحطمة، وظل الشيوخ ينتظرون دورهم في الموت بصبر يشبه الأمل الفلسطيني المعتاد. هذا المشهد لا يمكن فهمه إلا كفلسفة حياة، حيث يتحول الألم إلى قوة، والدمار إلى ذاكرة، واليأس إلى أمل.
السابع من أكتوبر لم يكشف فقط عن مأساة غزة، بل عن عورات العالم. تواطؤ الدول الكبرى، ازدواجية معايير الإعلام، سكوت المنظمات الدولية… كلها كانت دليلًا دامغًا على أن القيم التي تُرفع في المحافل الدولية تنهار أمام الاختبار الفلسطيني. غزة، بجراحها، كانت مرآة للعالم، مرآة تكشف زيف الشعارات حين يكون الدم عربيًا.
لكن ماذا بعد؟ ما الذي تبقى من غزة؟ الإجابة ليست في أرقام الشهداء ولا في تقارير القصف، بل في تفاصيل الحياة اليومية التي لا تزال تنبض رغم كل شيء. في عيون الأمهات اللائي فقدن أبناءهن، في أصوات المآذن التي تنادي للصلاة فوق الركام، وفي ضحكات الأطفال الذين يسمعون صفارات الطائرات أكثر من أصوات الطيور.
في السابع من أكتوبر، دخلت غزة زمنًا جديدًا… زمن الرماد. لكنها، وكما يعرفها كل من عاشها، تنهض دائمًا من الرماد. تنفض عنها الغبار، وتقول للعالم: "أنا هنا، لا أموت".
لكن وسط ضجيج الصواريخ وصخب التصريحات، كانت غزة، المدينة المنهكة، تدخل حربًا لم تخترها، حربًا تجاوزت حدود الدمار المادي لتصل إلى محاولة إفناء الروح ذاتها. تحوّل السابع من أكتوبر إلى مرآة عاكسة لكل ما تراكم من ظلم منذ النكبة، مرآة تكشف عن هشاشة القيم الإنسانية حين يكون الضحية فلسطينيًا.
ما بعد السابع من أكتوبر كان مختلفًا. ليس لأن الحرب هذه المرة كانت أشد عنفًا، بل لأن آلة الحرب قررت أن تمحو الحياة من أصلها. لم تعد القذائف تميز بين مقاتل ورضيع، بين جدار وجسد، بين مدرسة ومستشفى. في هذه الحرب، كان الهدف هو جعل غزة مجرد ذكرى، مدينة بلا صوت، بلا ذاكرة، وبلا مستقبل.
ومع ذلك، لم تمت غزة. بل تحولت إلى رمز وجودي، إلى تجسيد حي لفكرة المقاومة التي لا تنطفئ. وسط الركام، استمرت النساء في خبز الخبز على النار المكشوفة، ورسم الأطفال بأقلام الفحم على الجدران المحطمة، وظل الشيوخ ينتظرون دورهم في الموت بصبر يشبه الأمل الفلسطيني المعتاد. هذا المشهد لا يمكن فهمه إلا كفلسفة حياة، حيث يتحول الألم إلى قوة، والدمار إلى ذاكرة، واليأس إلى أمل.
السابع من أكتوبر لم يكشف فقط عن مأساة غزة، بل عن عورات العالم. تواطؤ الدول الكبرى، ازدواجية معايير الإعلام، سكوت المنظمات الدولية… كلها كانت دليلًا دامغًا على أن القيم التي تُرفع في المحافل الدولية تنهار أمام الاختبار الفلسطيني. غزة، بجراحها، كانت مرآة للعالم، مرآة تكشف زيف الشعارات حين يكون الدم عربيًا.
لكن ماذا بعد؟ ما الذي تبقى من غزة؟ الإجابة ليست في أرقام الشهداء ولا في تقارير القصف، بل في تفاصيل الحياة اليومية التي لا تزال تنبض رغم كل شيء. في عيون الأمهات اللائي فقدن أبناءهن، في أصوات المآذن التي تنادي للصلاة فوق الركام، وفي ضحكات الأطفال الذين يسمعون صفارات الطائرات أكثر من أصوات الطيور.
في السابع من أكتوبر، دخلت غزة زمنًا جديدًا… زمن الرماد. لكنها، وكما يعرفها كل من عاشها، تنهض دائمًا من الرماد. تنفض عنها الغبار، وتقول للعالم: "أنا هنا، لا أموت".