حياتنا

تونس: جدل واسع حول حملة السلطات ضد جمعيات حقوق اللاجئين الأفارقة


أثارت الحملة التي شنتها السلطات التونسية ضد جمعيات تُعنى بحماية اللاجئين الأفارقة غير الشرعيين جدلاً واسعاً في البلاد، حيث اعتبرها العديد من النشطاء الحقوقيين محاولة لتجريم العمل المدني والإنساني. وقد تركزت الانتقادات حول اعتقال عدد من النشطاء والمدافعين عن حقوق المهاجرين، وتوجيه تهم خطيرة إليهم مثل التآمر وتبييض الأموال، مما أثار تساؤلات حول مستقبل الحريات المدنية في تونس.



اتهامات تضرب العمل المدني والإنساني
نددت جمعيات حقوقية تونسية ودولية بما وصفته بـ"التضييق على العمل المدني"، معتبرة أن هذه الحملة "تضرب في العمق كل صوت حرّ يؤمن بتونس متساوية وعادلة وخالية من التمييز". وأكدت الجمعيات أن "توجيه تهم خطيرة، مثل التآمر وتبييض الأموال، ضد من اختاروا الوقوف إلى جانب الفئات المهمشة، لا يعكس فقط تضييقًا على العمل المدني، بل محاولة لتجريم التضامن نفسه".

وأضافت أن "الدفاع عن كرامة المهاجرين ليس جريمة. التضامن ليس مؤامرة. والمجتمع المدني الحر هو حجر الأساس لأي دولة تحترم الحقوق والحريات".

اعتقالات تطال نشطاء بارزين
شملت الحملة اعتقال مصطفى الجمالي، المسؤول الأممي السابق ورئيس المجلس التونسي للاجئين، بعد نشر المجلس إعلاناً في إحدى الصحف يطلب عروضاً لفنادق لإيواء طالبي اللجوء واللاجئين، بمن فيهم الأطفال الأيتام. ووجهت إليه تهمة "تكوين وفاق بهدف التوسط والمساعدة في دخول شخص إلى التراب التونسي خلسة وإيوائه".

كما تم اعتقال شريفة الرياحي، رئيسة منظمة "تونس أرض اللجوء"، بتهمة "التآمر" و"تبييض الأموال". ورغم تبرئتها لاحقاً من هذه التهم، إلا أن القاضي رفض الإفراج عنها، مما أثار استياءً واسعاً في الأوساط الحقوقية.

وشملت الحملة أيضاً سعدية مصباح، رئيسة منظمة "منامتي" التي تناهض العنصرية وتدافع عن حقوق المهاجرين، حيث وُجهت إليها تهمة "تبييض أموال" بسبب نشاطها في ملف توطين المهاجرين الأفارقة في تونس.

الحقوقيون يدافعون عن العمل الإنساني
يؤكد نشطاء حقوق الإنسان أن هذه الاعتقالات والتهم الموجهة للنشطاء الحقوقيين تمثل تضييقاً على العمل الإنساني في تونس، ومحاولة لتقويض جهود الجمعيات التي تعمل على حماية حقوق الفئات المهمشة، بما في ذلك اللاجئين والمهاجرين.

ويشددون على أن "التضامن مع المهاجرين والدفاع عن كرامتهم ليسا جرائم، بل واجب إنساني وأخلاقي". ويرون أن هذه الحملة لا تستهدف فقط النشطاء، بل تهدد مستقبل العمل المدني الحر في تونس، الذي يُعتبر ركيزة أساسية لدولة تحترم الحقوق والحريات.

تداعيات الحملة على صورة تونس
تأتي هذه الحملة في وقت تواجه فيه تونس ضغوطاً دولية متزايدة بشأن تعاملها مع قضايا الهجرة واللجوء. وقد تضر هذه الإجراءات بصورة البلاد كدولة تحترم حقوق الإنسان، خاصة أن تونس طالما كانت تُعتبر نموذجاً للانتقال الديمقراطي في المنطقة.

وتثير الحملة التي شنتها السلطات التونسية ضد جمعيات حقوق اللاجئين الأفارقة تساؤلات حول مستقبل الحريات المدنية والعمل الإنساني في البلاد. ومع تصاعد الانتقادات من قبل الجمعيات الحقوقية، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى قدرة تونس على الموازنة بين متطلبات الأمن واحترام حقوق الإنسان، بما يضمن الحفاظ على مكانتها كدولة ديمقراطية تحترم الحقوق والحريات.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 21 ماي 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic