بقلم: فؤاد يعقوبي، دارس لعلم النفس الإجتماعي في السياق المغربي
عرف علال الفاسي بانفتاحه على الحوار وتبادل الأفكار، وتميز بقدرته على التفاعل مع مختلف المدارس الفكرية، سواء التقليدية أو الحديثة، بهدف إحداث تحول اجتماعي. يتميز تفكيره بالارتباط الوثيق بالواقع الاجتماعي، مصحوبا برغبة فعلية في التغيير. فهو لا يكتفي بتحليل بنية المجتمع أو مؤسساته، بل يسعى لفهم كيف يتغير المجتمع من داخله، وكيف يعي ذاته، ويتحول بفعل أبنائه.
ويمثل فكره قطيعة مع كل المقاربات الاختزالية التي تدّعي اكتشاف "قوانين طبيعية" تفسر الظواهر الاجتماعية دون مساءلة دلالاتها التاريخية والرمزية. فالمفكر عند علال الفاسي ليس مجرد مراقب، بل هو فاعل في صميم عملية التغيير.
من خلال نقده لمظاهر الضعف في المجتمع المغربي، يقدم تحليلا دقيقا لواقع البلاد، ويطرح برنامجا للإصلاح يقوم على التطور المستمر والمضبوط. ويؤكد على ضرورة «خدمة المجتمع، وتحسين أوضاعه، وتمكينه من معرفة خصوصيته، وترسيخ استمرارية الأمة المغربية وقيمها الروحية والأخلاقية التي شكلت أساس حضارتها» (الاستعراف الذاتي، ص. 58).
فهو من دعاة التقدم، لكن التقدم الذي لا ينكر الماضي، بل يتأسس عليه، ويستند إلى التجارب التاريخية، ويرسم آفاقاً مستقبلية دون أن يمس جوهر الهوية. ويقول: «ليس من الضروري أن تبقى الأمة جامدة، بل يجب أن يحدث تحولها في إطار تجربتها التاريخية، على أساس برنامج تقدمي يفتح آفاقاً جديدة للتنمية دون أن يشوه كيانها» (نفس المرجع).
وعليه، فإن التغيير الاجتماعي في فكر علال الفاسي لا يقوم على الثورة الطبقية كما هو الحال عند كارل ماركس، ولا على التكيف الوظيفي مع المحيط كما تطرحه النظريات الوظيفية، بل يقوم على مقاربة واقعية، متأنية، وذكية، تستجيب للحاجات الحقيقية للأفراد داخل المجتمع، وتبتعد عن المثالية غير الموصولة بالواقع.
يرفض علال الفاسي التفكير المجرد، ويدعو إلى تطور تدريجي منسجم مع خصوصيات الأمة وطموحاتها، دون أن يتناقض مع قيمها الإسلامية الأصيلة.
ولتحقيق هذا الطموح، يولي أهمية خاصة لتكوين النخب المثقفة القادرة على قيادة التفكير والعمل الاجتماعي، معتبرا أن التفكير العفوي والبسيط عاجز عن إحداث أي تحول حقيقي. ويقول: «الفكر الاجتماعي يتطلب منا نظرة عميقة وروحا نافذة، لتحليل الأمور دون خوف من النتائج التي قد توصلنا إليها تأملاتنا» (ص. 65). ويضيف: «لا ينبغي أن يكون تفكيرنا رجعياً، بل لا بد أن يكون ثورياً بمعناه النبيل، أي أن يتحرر من القيود التقليدية التي تعرقل التقدم».
ولا يقصد بالثورة الهدم أو التخلي عن قيم العدالة والإيمان، بل التحرر من العادات الاجتماعية السلبية والعقليات المتحجرة.
ويشدد على ضرورة دراسة العقلية المغربية، والبحث عن الوسائل الكفيلة بتغييرها، لأن أي تنمية ستظل بطيئة ومهددة بالفشل إذا لم تواجه العقبات النفسية والاجتماعية الراسخة.
ويقول: «فلنتحد ضد أنفسنا وضد واقعنا، ولنستجب لنداء القلب الذي لم تفسده الأخطاء، ولنداء العقل الذي لم تعمه الأطماع. لنبنِ تحالفا أخلاقيا يحرر المجتمع من الفقر، والبطالة، والمرض، لنصنع مغرب الغد: بلد الأخوة، والتضامن، والعدالة» (ص. 66).
وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن النضال الذي قاده علال الفاسي، سواء فكرياً أو سياسيا، وخاصة من خلال حزب الاستقلال الذي قاده من سنة 1944 حتى وفاته سنة 1974، كان يهدف أساسا إلى تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية. فالدولة مطالبة بتحسين مستوى عيش المواطنين، وتوزيع الثروات بشكل عادل، وتحرير الناس من كافة أشكال الاستغلال، لا سيما الهيمنة الرأسمالية.
ويتمثل الهدف في القضاء على التخلف، وبناء مجتمع خالٍ من الطبقية، يتمتع بالعدالة الاجتماعية (انظر: بيان المساواة). إنها معركة مستمرة ضد الفقر والانحطاط، تُخاض بروح الوفاء لقيم الأجداد.
ويحذر من عقلية بعض فئات من الأفراد الذين يخشون التغيير ، والذين قد يحرون البلاد إلى الهلاك إذا لم يتم التحرر من سلطتها.
ويؤكد: «يجب التفكير في كافة القضايا المتعلقة بتطور أمتنا، وأخذ المدينة والبادية، المالك والمزارع، العامل والرأسمالي، الرجل والمرأة، الكبير والصغير، بعين الاعتبار، في إطار برنامج عام ومتكامل» (ص. 25).
فالتنمية المطلوبة هي تنمية شاملة، تعتمد على استراتيجية عقلانية، جوهرها الفكر الاقتصادي والاجتماعي والروحي الذي يشكل نواة المشروع الإصلاحي.
ويمثل فكره قطيعة مع كل المقاربات الاختزالية التي تدّعي اكتشاف "قوانين طبيعية" تفسر الظواهر الاجتماعية دون مساءلة دلالاتها التاريخية والرمزية. فالمفكر عند علال الفاسي ليس مجرد مراقب، بل هو فاعل في صميم عملية التغيير.
من خلال نقده لمظاهر الضعف في المجتمع المغربي، يقدم تحليلا دقيقا لواقع البلاد، ويطرح برنامجا للإصلاح يقوم على التطور المستمر والمضبوط. ويؤكد على ضرورة «خدمة المجتمع، وتحسين أوضاعه، وتمكينه من معرفة خصوصيته، وترسيخ استمرارية الأمة المغربية وقيمها الروحية والأخلاقية التي شكلت أساس حضارتها» (الاستعراف الذاتي، ص. 58).
فهو من دعاة التقدم، لكن التقدم الذي لا ينكر الماضي، بل يتأسس عليه، ويستند إلى التجارب التاريخية، ويرسم آفاقاً مستقبلية دون أن يمس جوهر الهوية. ويقول: «ليس من الضروري أن تبقى الأمة جامدة، بل يجب أن يحدث تحولها في إطار تجربتها التاريخية، على أساس برنامج تقدمي يفتح آفاقاً جديدة للتنمية دون أن يشوه كيانها» (نفس المرجع).
وعليه، فإن التغيير الاجتماعي في فكر علال الفاسي لا يقوم على الثورة الطبقية كما هو الحال عند كارل ماركس، ولا على التكيف الوظيفي مع المحيط كما تطرحه النظريات الوظيفية، بل يقوم على مقاربة واقعية، متأنية، وذكية، تستجيب للحاجات الحقيقية للأفراد داخل المجتمع، وتبتعد عن المثالية غير الموصولة بالواقع.
يرفض علال الفاسي التفكير المجرد، ويدعو إلى تطور تدريجي منسجم مع خصوصيات الأمة وطموحاتها، دون أن يتناقض مع قيمها الإسلامية الأصيلة.
ولتحقيق هذا الطموح، يولي أهمية خاصة لتكوين النخب المثقفة القادرة على قيادة التفكير والعمل الاجتماعي، معتبرا أن التفكير العفوي والبسيط عاجز عن إحداث أي تحول حقيقي. ويقول: «الفكر الاجتماعي يتطلب منا نظرة عميقة وروحا نافذة، لتحليل الأمور دون خوف من النتائج التي قد توصلنا إليها تأملاتنا» (ص. 65). ويضيف: «لا ينبغي أن يكون تفكيرنا رجعياً، بل لا بد أن يكون ثورياً بمعناه النبيل، أي أن يتحرر من القيود التقليدية التي تعرقل التقدم».
ولا يقصد بالثورة الهدم أو التخلي عن قيم العدالة والإيمان، بل التحرر من العادات الاجتماعية السلبية والعقليات المتحجرة.
ويشدد على ضرورة دراسة العقلية المغربية، والبحث عن الوسائل الكفيلة بتغييرها، لأن أي تنمية ستظل بطيئة ومهددة بالفشل إذا لم تواجه العقبات النفسية والاجتماعية الراسخة.
ويقول: «فلنتحد ضد أنفسنا وضد واقعنا، ولنستجب لنداء القلب الذي لم تفسده الأخطاء، ولنداء العقل الذي لم تعمه الأطماع. لنبنِ تحالفا أخلاقيا يحرر المجتمع من الفقر، والبطالة، والمرض، لنصنع مغرب الغد: بلد الأخوة، والتضامن، والعدالة» (ص. 66).
وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن النضال الذي قاده علال الفاسي، سواء فكرياً أو سياسيا، وخاصة من خلال حزب الاستقلال الذي قاده من سنة 1944 حتى وفاته سنة 1974، كان يهدف أساسا إلى تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية. فالدولة مطالبة بتحسين مستوى عيش المواطنين، وتوزيع الثروات بشكل عادل، وتحرير الناس من كافة أشكال الاستغلال، لا سيما الهيمنة الرأسمالية.
ويتمثل الهدف في القضاء على التخلف، وبناء مجتمع خالٍ من الطبقية، يتمتع بالعدالة الاجتماعية (انظر: بيان المساواة). إنها معركة مستمرة ضد الفقر والانحطاط، تُخاض بروح الوفاء لقيم الأجداد.
ويحذر من عقلية بعض فئات من الأفراد الذين يخشون التغيير ، والذين قد يحرون البلاد إلى الهلاك إذا لم يتم التحرر من سلطتها.
ويؤكد: «يجب التفكير في كافة القضايا المتعلقة بتطور أمتنا، وأخذ المدينة والبادية، المالك والمزارع، العامل والرأسمالي، الرجل والمرأة، الكبير والصغير، بعين الاعتبار، في إطار برنامج عام ومتكامل» (ص. 25).
فالتنمية المطلوبة هي تنمية شاملة، تعتمد على استراتيجية عقلانية، جوهرها الفكر الاقتصادي والاجتماعي والروحي الذي يشكل نواة المشروع الإصلاحي.