حياتنا

هدم سوق دالاس التاريخي بالدار البيضاء: خطوة مثيرة للجدل تهدد أرزاق المئات


شهدت العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء تطورًا مثيرًا للجدل مع بدء السلطات المحلية عملية هدم "سوق دالاس"، أحد أقدم وأكبر الأسواق في المدينة، والذي يتجاوز عمره 40 عامًا. هذه الخطوة أثارت غضبًا واسعًا بين صفوف التجار والمهنيين، إلى جانب الهيئات المدنية، التي اعتبرت هذه العملية تهديدًا مباشرًا لمصدر رزق مئات الأسر وتشريدًا للعديد من العاملين المرتبطين بهذا السوق.



سوق دالاس: رمز تاريخي واقتصادي
يعد سوق دالاس، الواقع بمقاطعة الحي الحسني، من الأسواق التاريخية التي ارتبطت بها حياة العديد من التجار والمهنيين على مدار عقود. يحتوي السوق على ما يزيد عن 800 محل تجاري، كان يشكل مصدر رزق لعدد كبير من العائلات. لكن قرار الهدم، الذي جاء دون سابق إنذار، أثار قلقًا واسعًا بين العاملين فيه، الذين يرون في هذه الخطوة ضياعًا لمستقبلهم وتهديدًا لمصدر رزقهم.

ردود أفعال غاضبة ومطالب بالحوار
أبدت فعاليات مدنية وحقوقية استنكارها الشديد للطريقة التي تمت بها عملية الهدم. وأكد عبد الحق زريق، الكاتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بالحي الحسني، أن السوق كان يشكل مصدر عيش ليد عاملة ظلت تعاني لسنوات من التهميش، وأن عملية الهدم تمت دون توفير حلول ملموسة أو بدائل للتجار.

وأشار زريق إلى أن هذه الخطوة تهدد بإفلاس التجار وتشريد عائلاتهم، مستنكرًا اعتماد "لغة الجرافات" لمعالجة وضع قائم فشلت المجالس المنتخبة السابقة في حله. وطالبت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بضرورة تحكيم لغة الحوار الجاد والمسؤول مع التجار، داعية إلى إيجاد حلول تحفظ أرزاقهم وحقوقهم.

من جهته، عبر حسن السلاهمي، عضو مقاطعة الحي الحسني، عن استغرابه من الطريقة التي تمت بها عملية الهدم، مشيرًا إلى غياب أي حوار مسبق مع التجار أو توفير بدائل مناسبة لهم. وألقى السلاهمي بالمسؤولية على جماعة الدار البيضاء والمقاطعة، معتبرًا أنه كان من الضروري انتظار اقتناء العقار الذي تحدثت عنه رئيسة الجماعة في منطقة مديونة، والذي يُفترض أن يكون بديلًا لنقل الأسواق إليه.

غياب البدائل وتأثيرات اجتماعية واقتصادية
أثارت عملية الهدم تساؤلات حول غياب التخطيط المسبق والبدائل المناسبة للتجار المتضررين. ورغم تأكيد السلطات على أهمية الحد من العشوائية والفوضى، إلا أن غياب حلول عملية وواقعية للتجار قبل تنفيذ عملية الهدم أدى إلى تصاعد الغضب والاحتجاجات.

ويرى العديد من المتابعين أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تفشي البطالة وزيادة المعاناة الاجتماعية في صفوف المئات من العائلات التي كانت تعتمد على السوق كمصدر رئيسي للدخل. كما أن غياب التنسيق بين الجهات المعنية يعكس تقصيرًا في معالجة مشاكل التجار بشكل يضمن حقوقهم ويحافظ على استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي.

مطالب بحلول عاجلة
في ظل هذه التطورات، دعت الفعاليات الحقوقية والمدنية إلى ضرورة تدخل السلطات المحلية لإيجاد حلول عاجلة للتجار المتضررين، بما يضمن استمرار مصدر رزقهم. كما طالبت بتفعيل الحوار بين جميع الأطراف المعنية، والعمل على توفير بدائل واقعية قبل تنفيذ أي قرارات مشابهة في المستقبل.

وأكدت هذه الفعاليات على أهمية وضع خطط واضحة ومتكاملة لإعادة تنظيم الأسواق العشوائية، مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للتجار والعاملين فيها، بما يحقق التوازن بين تطلعات التنمية الحضرية وحقوق المواطنين.

وتعكس قضية هدم سوق دالاس التحديات الكبرى التي تواجهها المدن الكبرى مثل الدار البيضاء في تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الحضرية وحقوق الفئات العاملة بالمجتمع. وبينما تسعى السلطات إلى الحد من العشوائية، يبقى توفير بدائل وحلول عملية للتجار المتضررين أمرًا ضروريًا لتجنب التداعيات السلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن السلطات من إيجاد حلول عادلة ومنصفة للتجار المتضررين؟ أم أن هذه الخطوة ستظل مثار جدل طويل يعكس غياب التخطيط والتنسيق في معالجة القضايا الحضرية والاقتصادية؟

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 20 ماي 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic