حياتنا

العطش ينهش القرى المغربية..


في عمق الجبال وعلى امتداد القرى النائية، خصوصا في الجنوب الشرقي، تعيش آلاف الأسر واقعا صعبا تحت وطأة الجفاف والعطش المتفاقم. يوميًا، يقطع السكان كيلومترات سيرًا على الأقدام لجلب مياه الشرب، وتتحول الطوابير حول الآبار أو شاحنات التزود إلى مشاهد روتينية تكشف هشاشة الوضع المائي في المغرب القروي.



هذا الواقع يزداد قساوة مع التراجع المستمر في مخزون المياه الجوفية، الذي يُعد مصدر الحياة الوحيد في العديد من المناطق، وسط توالي سنوات الجفاف وتناقص التساقطات المطرية بشكل حاد. في فصل الصيف، تتضاعف المعاناة، ويتحول الحصول على الماء إلى معركة يومية ترتبط بالبقاء والكرامة.

وفي محاولة لمواجهة هذه الأزمة، تبنت الدولة المغربية سياسة مائية ثلاثية الأبعاد: تعبئة الموارد التقليدية من خلال بناء السدود ونقل المياه بين الأحواض، ثم التوسع في الموارد غير التقليدية كتحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه العادمة، وأخيرًا ضبط الطلب وترشيده بتحسين مردودية الشبكات ومكافحة الهدر.

لكن رغم هذا المجهود، تظل استفادة القرى ضعيفة ومحدودة، نظرا لتمركز أغلب الاستثمارات في محيط المدن الكبرى والمناطق الصناعية والفلاحية الكبرى، ما يطرح أسئلة جوهرية حول العدالة المجالية وإدماج العالم القروي في التخطيط المائي الوطني. فمحطات كبرى مثل تحلية مياه أكادير أو مشروع نقل مياه سبو إلى أبي رقراق لم تشمل بعد القرى المنسية التي ظلت خارج التغطية.

الخبير في الموارد المائية، المختار البزيوي، اعتبر أن الوضع وصل إلى مرحلة الخطر بسبب الاستغلال المفرط للفرشات الجوفية، مشيرا إلى أن ندرة المياه السطحية دفعت الفلاحين والمواطنين إلى الاعتماد المكثف على الآبار، بشكل يفوق قدرة الطبيعة على تجديد مواردها، مما يهدد التوازن البيئي والقدرة على الاستمرار.

وأشار البزيوي إلى أن بعض الزراعات العشوائية ساهمت في تسريع وتيرة الاستنزاف، مثل زراعة البطيخ الأحمر في مناطق زاكورة وطاطا، قبل أن تتدخل السلطات لمنعها أو تقنينها.
ما كشف أن بعض المناطق اضطرت إلى الاعتماد على شاحنات صهريجية أو محطات تحلية متنقلة صغيرة، كمحاولة إسعافية لسد الحاجيات الأساسية للسكان.

في ظل هذه التحديات، يبقى العطش امتحانًا مريرًا لاختيارات السياسات العمومية في مجال الماء، وجرس إنذار يدعو إلى مراجعة شاملة تضع الإنسان قبل كل شيء، وتعيد التوازن بين الحواضر والقرى في معادلة الحق في الماء والحياة.
 

بقلم هند الدبالي 

العطش في القرى، أزمة الماء في المغرب، الجفاف، المياه الجوفية، الجنوب الشرقي، زاكورة، تنغير، تحلية مياه البحر، السدود، العالم القروي، الموارد المائية، مختار البزيوي، البطيخ الأحمر، فقر الماء، العدالة المجالية، الشاحنات الصهريجية.





الثلاثاء 15 يوليوز 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic