الرئيسية
وفي تصريحات خص بها صحيفة “لو جورنال دو ديمانش”، أكد وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونيز، أن الاتصالات الثنائية وصلت إلى مرحلة النقاشات التقنية والإجرائية، مشدداً على أن الهدف الأساسي يتمثل في إعادة تفعيل عمليات الترحيل بوتيرة منتظمة، واستعادة وضع طبيعي ومؤطر يقوم على التعاون بين البلدين، وليس الاكتفاء بمعالجة الحالات الفردية فقط.
وأوضح نونيز أن وفداً من وزارته زار الجزائر الأسبوع الماضي ضمن استعدادات الحوار الجاري، مع احتمال زيارة رسمية قريبة، لكنه أقر بأن السلطات الجزائرية لم تستأنف بعد استقبال رعاياها الذين صدرت بحقهم قرارات الإبعاد من فرنسا، مما يضيف بعداً حساساً للمفاوضات.
ويأتي ملف مراجعة اتفاقية 1968 في صلب هذه المشاورات، حيث أكدت باريس أن مصالح وزارته بدأت ورشة شاملة لدراسة مختلف البنود المرتبطة بالهجرة والتنقل، سعياً للتوصل إلى أرضية مشتركة مع الجزائر. وتعد هذه الاتفاقية محطة قانونية بارزة، إذ وُقعت بعد ست سنوات من استقلال الجزائر، وسهّلت دخول 35 ألف عامل جزائري سنوياً إلى فرنسا لمدة ثلاث سنوات، مع منحهم امتيازات خاصة، شملت الأولوية في العمل والإقامة ولم شمل الأسر، وهي مزايا لم تُمنح لمهاجرين من جنسيات أخرى.
ومع مرور السنوات، شهدت الاتفاقية عدة تعديلات، كان أبرزها تعديل 2001، الذي نص على تسوية وضعية الجزائريين المتزوجين من فرنسيين، ومنح أفراد عائلاتهم حقوقاً في العلاج والتعليم والعمل، إلى جانب إقامة قابلة للتجديد لمدة عام، وتسهيلاً في الحصول على الجنسية الفرنسية للجزائريين المولودين في فرنسا ممن تجاوزت إقامتهم ثماني سنوات.
ويثير الجدل الحالي حول الاتفاقية نقاشاً واسعاً داخل الأوساط السياسية الفرنسية، إذ يشدد بعض المسؤولين على ضرورة تعديل بنودها لتتماشى مع الواقع الحالي للهجرة، فيما يحذر آخرون من أي تغييرات قد تؤثر سلباً على العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر، خاصة في ظل مساعي البلدين الأخيرة لإعادة الثقة بعد سنوات من الفتور.
ويُتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة حراكاً دبلوماسياً نشطاً، مع تكثيف المشاورات الفنية والقانونية بين الطرفين، لمحاولة بلورة صيغة متجددة لاتفاقية 1968، تضمن مصالح فرنسا والجزائر على حد سواء، وتحافظ على حقوق المهاجرين الجزائريين، مع مراعاة التطورات الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة، بما يسهم في استقرار الهجرة والتنقل القانوني بين البلدين
