وسجّل التقرير أن غياب إطار قانوني خاص بإعادة الإدماج أدى إلى تشتت الجهود، حيث ظل التنسيق بين المتدخلين ضعيفًا وموسميًا، يعتمد على مقاربات مشتتة بدل رؤية شاملة تؤطر التدخلات وتربط السجن بما بعده. كما بيّن التقرير أن التمثلات السلبية اتجاه السجناء السابقين، سواء داخل الإدارات أو في الوسط المهني والاجتماعي، شكلت عائقًا حقيقيًا أمام إعادة الإدماج الفعلي، وهو ما زاد من هشاشة هذه الفئة ومخاطر العود للجريمة.
وانتقدت مؤسسة الوسيط استمرار العمل بمقتضيات قانونية متجاوزة، مثل نظام السجل العدلي الذي اعتُبر أحد العراقيل الرئيسية أمام الإدماج. فمجرّد الإشارة إلى سوابق قضائية، حتى وإن كانت في قضايا بسيطة أو استُنفدت فيها العقوبة، كان كافيًا لحرمان المعنيين من فرص الشغل أو الولوج إلى بعض الخدمات الأساسية، ما يضرب مبدأ العدالة والمساواة في العمق.
كما توقّف التقرير عند ضعف فعالية برامج التأهيل داخل المؤسسات السجنية، التي لم تنجح في مواكبة التطورات المجتمعية أو احتياجات سوق الشغل. وأكد أن هذه البرامج، رغم تنوعها، ظلت رهينة منطق الكم على حساب الجودة، وغابت عنها آليات التتبع والتقييم، مما جعل أثرها محدودًا على أرض الواقع.
ودعت المؤسسة إلى ضرورة الانتقال نحو "إدماج مرفقي تصالحي"، يقوم على الإنصاف وتكافؤ الفرص، ويرتكز على تغيير تمثلات الإدارة والفضاء العام إزاء السجناء السابقين. كما شددت على أهمية إعادة النظر في المساطر المرتبطة برد الاعتبار، مطالبة بتبسيطها وتعزيز طابعها التصريحي، من أجل تمكين هذه الفئة من استعادة حقوقها القانونية والرمزية.
وفي ختام التقرير، طالبت المؤسسة الدولة بوضع سياسة عمومية واضحة لإعادة الإدماج، تتقاطع فيها الأبعاد القانونية والاجتماعية والمؤسساتية، وتضمن مرافقة السجين خلال وبعد العقوبة، بما يعزز البناء الديمقراطي ويكرّس دولة الحق والقانون