آخر الأخبار

استطلاع أفروباروميتر : حزب الاستقلال يتصدر نوايا التصويت في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وسط تراجع للثقة السياسية


وسط مشهد سياسي يعاني من تراجع الثقة وتزايد العزوف، يبرز حزب الاستقلال كاسم وازن لا يزال يحظى بحضور نسبي في نوايا التصويت، وفق ما كشفه استطلاع رأي حديث أجرته شبكة "أفروباروميتر" في فبراير 2024، فقد تصدّر الحزب نتائج الاستطلاع بحصوله على 4% من نوايا التصويت، متقدماً على باقي القوى السياسية، في مؤشر على استمراره كفاعل سياسي يحافظ على موقعه ضمن الخارطة الحزبية الوطنية، رغم التحولات التي يعرفها المشهد السياسي المغربي



الاستطلاع شمل عينة وطنية مكونة من 1200 شخص من مختلف مناطق البلاد، وعكس حالة من الغموض السياسي التي لا تزال تخيم على المشهد، إذ أن أكثر من ثلث المشاركين (33.8%) لم يحددوا بعد الجهة التي سيمنحونها أصواتهم، وهي نسبة ترتفع في العالم القروي إلى 38.5%، مقابل 31.5% في الوسط الحضري.


هذا التردد يُبرز اتساع هامش الكتلة المتأرجحة التي قد تحسم اتجاهات التصويت في اللحظات الأخيرة، ويؤشر في الوقت نفسه على هشاشة العلاقة بين الأحزاب والناخبين.
 

وإلى جانب حزب الاستقلال، جاء كل من حزبي العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة بنسبة تأييد متساوية بلغت 3.8%، في حين حصل حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي تصدّر الانتخابات التشريعية لسنة 2021، على 3.2%،  أما باقي التشكيلات الحزبية، بما فيها الاتحاد الاشتراكي، الحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، فقد تراوحت نسب تأييدها بين 1 و2% فقط، ما يعكس توزعًا مشتتًا في خريطة الولاءات السياسية، ويكشف عن غياب فاعل مهيمن قادر على تعبئة كتلة انتخابية وازنة.
 

وفي سياق متصل، أبرز الاستطلاع أن 34.1% من المستجوبين لا ينوون التصويت إذا ما أجريت الانتخابات في اليوم الموالي، وهو مؤشر يسلط الضوء على استمرار مظاهر العزوف السياسي، التي لم تفلح الحملات الرسمية أو خطابات التعبئة في التخفيف منها. وتُظهر الأرقام أن النساء أكثر ميلًا للمقاطعة، بنسبة 37.1%، مقابل 31.1% في صفوف الرجال، ما قد يعكس حجم الإحباط السياسي لدى فئات واسعة من المجتمع، خصوصًا تلك التي لا ترى في الأحزاب أداة فعالة لتغيير واقعها اليومي.
 

وفي مقابل هذا الإحجام، عبّرت غالبية المشاركين (56.8%) عن تأييدهم للتعددية الحزبية، باعتبارها آلية ديمقراطية تمنح الناخبين حرية الاختيار بين مشاريع وبرامج مختلفة. وتوزعت هذه النسبة بشكل متقارب بين سكان المدن (57.2%) وسكان القرى (56.1%)، مع وجود تفاوت ملحوظ بين الجنسين؛ إذ يؤيد 60.4% من الرجال هذا الخيار، مقابل 53.2% فقط من النساء. وفي المقابل، اعتبر 33.4% من المستجوبين أن كثرة الأحزاب تكرّس الانقسام وتزيد من تعقيد المشهد السياسي، وهو رأي أكثر شيوعًا في صفوف النساء أيضًا.
 

هذه المعطيات، وإن كانت لا تُظهر توجهاً انتخابيًا واضحاً، إلا أنها تكشف عن ثلاث نقاط أساسية: أولاً، أن المشهد السياسي يعاني من ضعف في التأطير والتمثيلية، وهو ما يتجلى في النسب الضئيلة التي حصلت عليها مختلف الأحزاب، بما فيها تلك التي تصدرت الاستحقاقات السابقة. ثانيًا، أن نسبة كبيرة من الناخبين لا تزال خارج المعادلة الانتخابية، إما بسبب التردد أو بسبب فقدان الثقة، ما يجعل أي حديث عن المشاركة رهينًا بقدرة الفاعلين على إعادة بناء جسور التواصل مع المجتمع. وثالثًا، أن المشهد الحزبي لم يشهد بروز قوى جديدة قادرة على تحفيز المشاركة السياسية أو خلق دينامية انتخابية بديلة.
 

وبالنظر إلى موقع حزب الاستقلال في صدارة نوايا التصويت،  يمكن القول إن الحزب لا يزال يحتفظ بقدر من الرصيد التاريخي والرمزية التنظيمية، وهو ما يمنحه أسبقية أولية في سياق تطغى عليه الضبابية. غير أن هذا التقدم يبقى مشروطًا بقدرته، مثل باقي الأحزاب، على تجديد خطابه السياسي، وتقديم عروض قادرة على استقطاب المترددين واستعادة ثقة المقاطعين. فالمعركة الانتخابية المقبلة، في ظل الأرقام الحالية، لن تحسمها بالضرورة الحسابات التقليدية، بقدر ما ستحسمها القدرة على الإقناع والتأثير في الكتلة الصامتة.
 

وفي انتظار اقتراب موعد الاستحقاقات، تظل خريطة المشهد الحزبي مفتوحة على عدة سيناريوهات، أبرزها أن نسبة كبيرة من الناخبين لا تزال بلا موقف، وهو ما يمنح الجميع – بما فيهم الأحزاب التقليدية والوافدين الجدد – فرصة لإعادة التموضع، ومحاولة كسب ثقة مواطن يبحث عن من يُقنعه، لا من يُذكره فقط بماضيه.


نوايا التصويت، حزب الاستقلال، أفروباروميتر، العزوف الانتخابي، المشهد السياسي المغربي


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 26 ماي 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic