ووفق النشرة الإنذارية الصادرة عن مصالح الأرصاد الجوية، فإن المناطق الأكثر تأثراً بهذه الموجة هي الأقاليم الداخلية والجنوبية، حيث ستُسجل درجات حرارة تتراوح ما بين 44 و47 درجة مئوية بكل من الراشيدية، زاكورة، تارودانت، طاطا، أسا-زاك، السمارة، وادي الذهب وأوسرد. هذه المناطق، المعروفة بطابعها شبه الصحراوي، غالباً ما تكون عرضة لفترات حرارية قاسية، إلا أن التواتر الزمني لهذه الظاهرة وامتدادها الجغرافي الواسع يطرحان تساؤلات بشأن قدرة الساكنة المحلية والبنية التحتية على التأقلم مع مثل هذه الظروف.
أما في باقي مناطق الوسط والشمال، فتتوقع المديرية أن تتراوح درجات الحرارة ما بين 40 و44 درجة مئوية، وذلك في أقاليم وعمالات بني ملال، الفقيه بن صالح، مكناس، خنيفرة، فاس، مولاي يعقوب، تاونات، تازة، وزان، كلميم، أكادير إداوتنان، إنزكان آيت ملول، سيدي قاسم، سيدي سليمان، بنسليمان، خريبكة، سطات، شيشاوة، قلعة السراغنة، الصويرة، مراكش، الرحامنة، الخميسات، سيدي بنور واليوسفية. وتُعتبر هذه المناطق من أهم الأقطاب الفلاحية والسياحية، ما يجعل موجات الحر مصدر قلق كبير من حيث تأثيرها على الإنتاج الزراعي، وتزايد استهلاك الماء والكهرباء، إلى جانب المخاطر الصحية خصوصاً لدى كبار السن والأطفال والعمال في الفضاءات المفتوحة.
وتدعو السلطات المختصة المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر، وتجنب التعرض لأشعة الشمس في أوقات الذروة، والإكثار من شرب الماء، وعدم ترك الأطفال أو كبار السن داخل السيارات المركونة، مع تشجيع الساكنة على استعمال وسائل التكييف الطبيعية والاصطناعية، واحترام تعليمات الوقاية التي تصدرها المصالح الصحية والمحلية.
وفي سياق متصل، تشير تقارير مناخية إلى أن المغرب، على غرار بلدان أخرى في شمال إفريقيا، بات يواجه موسماً صيفياً أكثر قسوة من السنوات الماضية، ما يستدعي إعادة النظر في البنية التحتية للتكيف مع التغيرات المناخية، سواء تعلق الأمر بتخطيط المدن، أو بتأهيل شبكات الماء والكهرباء، أو حتى بإجراءات السلامة في المدارس والمستشفيات والمصانع.
ويطرح هذا الوضع تحديات جديدة أمام الجماعات الترابية والمصالح الوزارية المعنية، لاسيما في ما يتعلق بإدارة المخاطر البيئية والاستعداد للطوارئ. كما تُثار تساؤلات حول مدى فعالية السياسات العمومية في مجال التكيّف المناخي، وتوفير الدعم للساكنة في المناطق المتضررة، خصوصاً تلك التي تعاني أصلاً من الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية.
وتجدر الإشارة إلى أن موجات الحر أصبحت تسجّل حضوراً متكرراً ومبكراً خلال فصل الصيف بالمغرب، ما يعزز الحاجة إلى اعتماد مخططات استباقية أكثر فعالية على المدى القصير والمتوسط، لمواجهة هذا النمط المناخي الذي لم يعد استثناءً، بل جزءاً من الواقع البيئي المستقبلي للبلاد