مختصرات

فضيحة جامعية تهزّ المغرب: "ماستر النفوذ" يكشف عمق الفساد في التعليم العالي  19/05/2025

في واقعة تعيد إلى الواجهة أسئلة قديمة حول مصداقية الشهادات الجامعية ونزاهة منظومة التعليم العالي، تفجرت فضيحة مدوية بجامعة ابن زهر بأكادير بعد توقيف الأستاذ الجامعي أحمد قيلش، إثر اتهامات خطيرة تتعلق ببيع الشهادات العليا والماسترات بمقابل مالي، وتوظيف النفوذ داخل الجامعة لإنتاج "نخب مزيفة" من حملة الشهادات دون أي تكوين فعلي.

المثير في القضية أن اللائحة الأولية للمستفيدين من خدمات قيلش، حسب تحقيقات "الفرقة الوطنية للشرطة القضائية"، تضم أسماء وازنة من سلك العدالة، موظفين سامين، محامين، سياسيين، وحتى أقارب منتخبين. وقد باشر المجلس الأعلى للسلطة القضائية مراجعة شهادات بعض موظفي النيابة العامة الحاصلين على الماستر تحت إشراف قيلش، ما يشير إلى احتمال اتخاذ قرارات تأديبية أو تجميد ترقيات.

وتكشف التحقيقات أن بعض "الطلبة" لم يجتازوا أي اختبارات، ولم يطأوا الجامعة قط، في حين تولى "مساعدو" الأستاذ كتابة الأطروحات بمقابل مالي متدرج، حسب المكانة الاجتماعية والمهنية للزبون. أما ماستر "المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية"، فكان بوابة مريحة للوجاهة العلمية دون استحقاق، وسلماً سريعاً نحو التوظيفات والترقيات.

وفي مفارقة صادمة، تبيّن أن بعض المستفيدين من "شبكة قيلش" تحولوا بسرعة فائقة إلى أساتذة جامعيين، دون مسار أكاديمي معروف، بفضل قربهم من الأستاذ الموقوف أو مقابل "خدمات خاصة". الأمر لم يكن مجرد تجاوز فردي، بل امتد إلى شبكة معقدة تضم موظفين ومحامين وأبناء مسؤولين، تحصنهم علاقاتهم من المساءلة.

المعطى الأخطر، وفق المعطيات المسربة، هو العثور على حوالي 8 مليارات سنتيم في حساب زوجة الأستاذ، يشتبه أنها حصيلة عمليات بيع الشهادات والسمسرة في التوظيف، مع توجيه المتابعة لرئيس كتابة الضبط في آسفي وأفراد من عائلته، وإخضاع البعض للمراقبة القضائية وسحب جوازات سفرهم.

هذه الفضيحة ليست معزولة، بل تمثل أعراضًا مزمنة لفشل منظومة التعليم العالي في محاربة الفساد، وضعف آليات الرقابة الداخلية بالجامعات، واستغلال النفوذ لشراء الشرعية العلمية.

اليوم، لا يكفي توقيف الأستاذ أو محاسبته، بل تفرض هذه الكارثة مراجعة شاملة لمسارات الماستر والدكتوراه، وإعمال الشفافية في مباريات الولوج، وتنقية الجسم الجامعي من "خلايا الفساد"، حرصًا على قيمة الشهادة المغربية وثقة المجتمع في التعليم العمومي.

ويبقى السؤال: هل نملك الإرادة السياسية والأكاديمية لاقتلاع هذا الورم من جذوره، أم نكتفي بالزجر الرمزي والتشهير الانتقائي؟














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic