ولم يخف الوزير أن تجربة المجلس الوطني للصحافة شكلت محطة تأسيسية لهذا الورش، معتبرًا أن الصحافة لا يمكن أن تزدهر إلا في إطار من الاستقلالية والمسؤولية، وهو ما لا يتحقق إلا من خلال تنظيم ذاتي يحظى بشرعية مهنية وديمقراطية. كما أشار إلى أن الدستور المغربي، في فصله الـ28، وضع اللبنات القانونية لهذا الخيار، من خلال التأكيد على ضرورة تنظيم المهنة وفق أسس ديمقراطية، مع تحميل الحكومة مسؤولية ضمان الشروط الضرورية لتحقيق ذلك.
وفي معرض تطرقه لدوافع مراجعة الإطار القانوني المنظم للمهنة، أوضح الوزير أن التنظيم الذاتي ليس مجرد هيكلة إدارية، بل هو مشروع مجتمعي يتوخى حماية الصحافة من الانزلاقات والممارسات التي تسيء إليها، كالتضليل ونشر الأخبار الكاذبة، وهي سلوكيات لا تسيء فقط للمهنة، بل تقوض الثقة بين الصحفي والجمهور، مما يستدعي إطاراً صارماً يوازن بين الحرية والانضباط.
وأكد بنسعيد أن هذا الورش يهم المجتمع ككل، وليس فقط أهل المهنة، باعتبار أن الصحافة الجادة تساهم في إغناء النقاش العمومي، وتثبيت قيم الشفافية والمساءلة، وهي أدوار لا يمكن أن تؤدى دون ضمان نزاهة الجسم الإعلامي واستقلاليته. وشدد على أن النص القانوني المرتقب ينبغي أن يُبنى بروح تشاركية مع المهنيين، حتى يكون معبّراً عن انتظاراتهم، ومؤسسًا لتعاقد جديد يربط بين حرية الصحفي وحق المواطن في المعلومة.
وفي انتظار الكشف عن مضامين هذا النص الجديد، يظل النقاش مفتوحًا بين مختلف مكونات الحقل الإعلامي حول طبيعة التنظيم الذاتي المنشود، وشروط تفعيله، ومدى قدرة القانون القادم على تحقيق توازن دقيق بين حرية التعبير والمساءلة الأخلاقية