آخر الأخبار

​هل مائة مليار درهم ثمناً للاستقرار الاجتماعي؟

إنفاق غير مسبوق... لكنه لا يحل المعضلة


هل الدعم دواء أم إدمان؟



منذ سنة 2022 إلى غاية 2025، ضخت الدولة المغربية ما يفوق مائة مليار درهم لدعم المواد الأساسية. رقم ضخم بكل المقاييس، يعكس حجم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد. هذا ما أعلنت عنه وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح أمام مجلس المستشارين، مؤكدة أن الحكومة خاضت "معركة شرسة" للحفاظ على القدرة الشرائية في ظل تقلبات الأسواق العالمية وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.

لكن خلف هذا الرقم الصادم، تبرز أسئلة ملحة: هل نشتري فعلاً السلم الاجتماعي؟ أم أننا نُرحّل الأزمة إلى الأجيال القادمة؟

الوزيرة قدمت مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتخفيف وقع الأزمة، منها تجميد أسعار الماء والكهرباء، وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة على بعض المواد الأساسية، إضافة إلى دعم مباشر للفلاحين المتضررين من الجفاف. وعلى مستوى المراقبة، تم تفتيش أزيد من ٣٥٠ ألف نقطة بيع خلال ثلاث سنوات، وأسفرت العمليات عن ضبط أكثر من ١٥ ألف مخالفة.

لكن رغم هذه الجهود، يبقى تأثيرها محدودًا أمام تضخم الأسعار في السوق الدولية، والتهريب، والاحتكار، ومحدودية آليات الضبط داخل الاقتصاد غير المهيكل.

لا يمكن إنكار أن هذه المليارات أنقذت الكثير من الأسر من السقوط في الهشاشة. لكن الواقع يقول إن الاعتماد المزمن على الدعم قد يصبح في حد ذاته مشكلة. فالدولة التي تنفق بهذا الحجم على المواد الاستهلاكية، تجد نفسها أمام مفارقة خطيرة: إما الاستمرار في الدعم مع تآكل الميزانية، أو وقفه وتحمل تكلفة الغضب الشعبي.

المشكل أعمق من أسعار الحليب والزيت؛ إنه يتعلق بمنظومة إنتاج وتوزيع غير عادلة، وباقتصاد هش يعتمد على الاستيراد أكثر مما ينتج.

الحكومة افتخرت، كذلك، بنتائج الحوار الاجتماعي، خصوصًا رفع الحد الأدنى للأجور. لكن بالنسبة للطبقة المتوسطة، فإن هذه الزيادة سرعان ما تتبخر أمام تكاليف الحياة. فحين ترتفع الأجور بـمئات الدراهم، وترتفع فواتير القفة بـآلاف، يكون المواطن قد ربح رقماً في الورقة، وخسر راحته في الواقع.

نادية فتاح أكدت أن العمل الحكومي مستمر لإصلاح الاقتصاد ودعم المواطنين. لكنها لم تجب عن سؤال جوهري: من سيمول هذه المليارات إذا استمرت الأزمات؟. فالموارد محدودة، والاقتراض له سقف، والدعم ليس حلاً دائماً.

نحتاج اليوم لنقاش وطني صريح: هل نستمر في الإنفاق من أجل التهدئة فقط؟ أم نبني منظومة اقتصادية قادرة على الصمود بدون مسكنات؟

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 15 ماي 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic