هذا التحول يأتي في سياق تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وكينيا، التي شهدت توقيع خمس مذكرات تفاهم متعددة المجالات مثل الإسكان والتنمية الحضرية، شؤون الشباب، التعليم الدبلوماسي، والتعاون التجاري. وتأتي هذه الاتفاقيات لتجسد إرادة سياسية قوية لتعميق الشراكة بين البلدين، وتمهّد لمرحلة جديدة من التعاون المكثف الذي يخدم مصالحهما المشتركة ويساهم في التنمية المستدامة للقارة الإفريقية.
وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة أكد خلال المؤتمر الصحافي عقب التوقيع على هذه الاتفاقيات، أن الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكيني موساليا مودافادي ليست عادية، بل تأتي تزامناً مع احتفال البلدين بالذكرى الستين لإقامة علاقاتهما الدبلوماسية، وأشار إلى أن الاعتراف الكيني بمخطط الحكم الذاتي يمثل تحولا دبلوماسياً هاماً يثري الإطار القانوني للعلاقات بين البلدين، الذي كان سابقاً محدوداً بعشر اتفاقيات فقط، معتبراً أن هذه الخطوة ستفتح آفاقاً جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي والإنساني.
من جهته، أكد موساليا مودافادي رغبة كينيا الصادقة في تقوية علاقاتها مع المغرب، معتبراً أن البلدين يتقاسمان تاريخاً مشتركاً وارتباطاً عميقاً على المستوى الدبلوماسي. وأشاد بالدعم المغربي لمبادرات كينيا في مجالات البيئة والمناخ، معتبراً أن الرباط تملك سجلاً حافلاً بالمبادرات الدبلوماسية الفعالة التي يجب أن تؤخذ على محمل الجد.
الأهمية الاستراتيجية لهذا الاعتراف لا تقتصر على مستوى العلاقات الثنائية فحسب، بل تتعداها إلى أبعاد أوسع، حيث يعكس هذا الموقف الكيني دعماً متزايداً للحل المغربي الذي يحظى بتوافق دولي متنامٍ. ويتجلى ذلك في تأكيد البيان المشترك على الإشراف الحصري للأمم المتحدة على العملية السياسية، والتزام البلدين بقرارات مجلس الأمن، خاصة القرار 2756 لعام 2024.
بهذا، يسجل المغرب مكسباً دبلوماسياً كبيراً يعزز من موقعه في معادلة النزاع حول الصحراء، ويفتح آفاقاً جديدة لتعزيز التضامن الإفريقي حول مقاربة الحكم الذاتي التي تمثل خياراً واقعياً يحفظ استقرار المنطقة ويعزز التنمية. كما يشكل هذا التحول ضربة قوية لجبهة البوليساريو التي خسرت أحد أبرز داعميها داخل القارة الإفريقية، ما قد يسرّع من وتيرة التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع.
في الختام، يظل هذا التوجه الكيني بمثابة مؤشر مهم على تطور السياسة الإفريقية نحو دعم الحلول المستدامة والسيادية، ويبرهن على قدرة المغرب الدبلوماسية في إحداث تغييرات نوعية تعزز مكانته كشريك أساسي في إفريقيا والعالم، وتدعم مساعيه لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة المغرب الكبير والقارة ككل