بقلم عدنان بنشقرون
المغرب لم يغلق بابه يومًا في وجه أحد، وخاصة جيرانه. لكن، في الأعراف، سواء داخل بيت أو دولة، عندما لا يعجبك المكان أو تحتقر رموزه، فمن غير المنطقي أن تدخله وكأن شيئًا لم يكن. والأسوأ من ذلك، أن تدخل إليه لتثير الفوضى.
منذ مدة، نتابع حملات إعلامية وسياسية متكررة من جهات جزائرية – لا تمثل كل الشعب – لا تكف عن بث مشاعر الكراهية تجاه كل ما هو مغربي. علمنا يستفزهم، ملكيتنا تثير غضبهم، وحدتنا الترابية تفقدهم توازنهم، وحتى تقاليدنا وملابسنا ومأكولاتنا وتراثنا أصبحت فجأة مصدر إزعاج بالنسبة لهم.
ورغم هذا الكم من العداء والتصريحات المسيئة والتلفيقات الرسمية، لا يزال البعض منهم يخطط للمجيء إلى المغرب في دجنبر، وكأن شيئًا لم يحدث. يريدون الدخول إلى الملاعب، والهتاف في المدرجات، وربما تكرار نفس المشاهد غير اللائقة التي رأيناها سابقًا.
لكن لا، أيها الجيران الأعزاء، المغرب ليس ممرًا لمن يبصق عليه في الصباح ويصفق له في المساء. لسنا بساطًا دبلوماسيًا يُداس عليه كلما ضاقت صدوركم من أوضاعكم الداخلية. من أراد دخول بلدنا، فعليه أولًا أن يحترمه.
نحن لا نمنع أحدًا، بل نُذكر فقط. كرم الضيافة المغربي معروف، لكنه يستند إلى الاحترام المتبادل. من يدخل بنية صافية، ويحب الرياضة والقارة الإفريقية، فسيجد قلوبًا مفتوحة في استقباله. أما من يدخل بغرض الاستفزاز أو التحقير أو التشويش، فالأفضل له أن يبقى في بلده.
لسنا بحاجة إلى حضور من يكنّ لنا العداء، ولا نبحث عن تصفيقات مصطنعة. كأس إفريقيا ليست ساحة لتصفية الحسابات، ولا منصة للثرثرة السياسية.
لقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة كيف تم تسييس كرة القدم، وكيف رفض البعض حتى مجرد مصافحة لاعب مغربي، وكيف قاطعوا البطولات بسبب خريطة أو جنسية، وكيف تفننوا في المقاطعة والعرقلة. هذا لا يُعبّر عن حب للوطن، بل هو تعبير عن مرض سياسي مزمن.
لهذا نوضح الأمر: من يرى في العلم المغربي استفزازًا، وفي الملك عقدة، وفي الصحراء المغربية قضية جدل، فليوفّر على نفسه المشقة، وليدع هذا العرس الكروي يمرّ من دونه.
أما من يحب كرة القدم بحق، من يعشق أجواء الملاعب، من يرغب في رؤية منتخبه ينافس وسط أشقائه الأفارقة في بلد منظم ومرحب، فمرحبًا به. نرحب بالمشجعين الجزائريين الذين يضعون الرياضة فوق السياسة، وبالصحفيين المحترفين الذين ينقلون الحدث بأمانة، وباللاعبين الذين يأتون للتنافس الشريف، لا للمزايدات.
نحن لا نطلب مديحًا، ولا ولاءً، بل فقط الاحترام. احترام قوانين البلد، ورموزه، ومؤسساته، ووحدته الترابية. فالصحراء المغربية ليست موضوعًا للنقاش في المدرجات، ولا شعارًا يُحذف بحسب أهواء المعلقين. إنها واقع يمارَس، لا جدل يُخاض فيه.
كأس إفريقيا في المغرب ليست مناسبة مغربية فقط، بل عيد قاري. من السنغال إلى الكاميرون، من مصر إلى بوركينا فاسو، من تنزانيا إلى الكوت ديفوار... الجميع قادم بروح رياضية واحترام متبادل. وحدهم من لا يزالون يعيشون في زمن الصراعات الباردة يرون في الرياضة فرصة للتهجم والتشويش.
لكن المغرب اليوم لا يرد بالمثل. هو بلد منفتح، منظم، واثق من نفسه. يعرف كيف يحمي سيادته، ويكرّم ضيوفه. لذا، أيها الجيران الأعزاء: إذا قررتم الحضور، فتعالوا بالكلمة الطيبة، بنية الفرجة، بعقلية رياضية. تعالوا بالأمل، لا بالحقد.
وإن لم تقدروا على ذلك، فلا بأس. غيّبوا أنفسكم عن هذا العرس الكروي، واتركوا القارة تحتفل بكأسها في أجواء أخوية خالية من الضغينة. لأن الكأس ستُقام، وستكون جميلة... بكم أو بدونكم