وأرجعت الوكالة هذا التحسن الملحوظ إلى مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي باشرتها السلطات المختصة خلال السنوات الأخيرة، من أبرزها تسريع وتيرة التحفيظ العقاري، وتوسيع التغطية الطبوغرافية، إلى جانب رقمنة عدد من الخدمات العقارية، مما ساهم في تعزيز الشفافية وتحسين مناخ الأعمال، وتقليص آجال المعاملات والمساطر الإدارية المرتبطة بنقل الملكية.
كما لعبت الطفرة التي عرفتها الاستثمارات العقارية في مجالات السياحة والفلاحة والطاقات المتجددة دوراً محورياً في تحقيق هذه النتائج المالية غير المسبوقة. فالمغرب بات يُنظر إليه كوجهة استثمارية آمنة ومستقرة في محيط إقليمي مضطرب، خاصة بفضل وضوح الإطار القانوني وثبات السياسات العمومية ذات الصلة بالأراضي والعقار.
وشهدت المدن الكبرى، وفي مقدمتها الدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش، دينامية عقارية قوية، سواء في مشاريع السكن المتوسط والفاخر، أو في البنيات الصناعية والتجارية الجديدة. ويُعزى هذا النشاط إلى تحسين البنيات التحتية وإطلاق مشاريع ضخمة، من بينها توسيع شبكة القطار فائق السرعة، وتطوير المناطق الحرة واللوجستية، التي رفعت من جاذبية هذه الحواضر كمراكز استقطاب اقتصادي.
وفي المقابل، نبّهت الوكالة إلى أن بعض المؤشرات تُظهر بوادر تباطؤ في قطاعات معينة من السوق، خصوصاً في ما يتعلق بالإقبال على السكن الاجتماعي والمتوسط، مما يبرز مفارقة بين الأداء المالي الإيجابي من جهة، وتحديات التوازن المجالي والاستجابة للطلب الاجتماعي من جهة أخرى. ويطرح هذا الواقع أسئلة حول العدالة العقارية ومستوى استفادة الفئات المتوسطة والفقيرة من الدينامية العامة التي يعرفها القطاع.
وفي إطار سعيها إلى تحسين مردودية المؤسسة مستقبلاً، أوضحت ANCFCC أنها ستخصص جزءاً من مداخيل 2024 للاستثمار في تطوير أدوات نظم المعلومات الجغرافية، وإعداد خرائط طبوغرافية دقيقة، إلى جانب تعزيز الموارد البشرية وتأهيل الكفاءات، لمواكبة ارتفاع الطلب وضمان جودة الخدمات في أفق سنة 2025.
ويرى عدد من المحللين أن هذا الأداء المالي القوي يعكس الثقة المتزايدة للمستثمرين في الإطار القانوني والمؤسساتي المنظم للقطاع العقاري بالمغرب، لا سيما بعد تعميم التحفيظ العقاري، وتبسيط الإجراءات الإدارية، مما ساعد على تقليص المنازعات العقارية، ورفع مستوى الأمان القانوني في المعاملات، وهي عوامل أساسية لاستقطاب الاستثمار المحلي والأجنبي