بقلم: فؤاد يعقوبي أخصائي نفسي اجتماعي
تعاني الجامعة المغربية من مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بالاكتظاظ وتضخم الأعداد، حيث تعرف المؤسسات الجامعية تزايدا مهولا في أعداد الطلبة، دون توافر التجهيزات والموارد البشرية الكافية لمواكبتهم. كما يسجل تراجع واضح في جودة التكوين، نتيجة هيمنة المناهج النظرية التقليدية، وانفصال البرامج الجامعية عن حاجيات المجتمع وسوق الشغل. ويزداد الأمر تعقيدا في ظل غياب الإنصاف المجالي بين الجامعات، وتفاوتها من حيث البنية التحتية والأطر التدريسية، وضعف الربط بالتكنولوجيا والبحث العلمي.
إلى جانب هذه الإكراهات الهيكلية، برزت في السنوات الأخيرة خروقات سلوكية وأخلاقية من طرف بعض الأساتذة، تمسّ بصورة الجامعة وتقوض ثقة المواطن فيها. فقد طفت إلى السطح ممارسات مشينة مثل التحرش الجنسي والابتزاز مقابل النقط، وهي ظواهر تمس بكرامة الطلبة، وتضرب في العمق أخلاقيات المهنة الجامعية. كما تسجل حالات من الزبونية والمحسوبية في تقييم الطلبة وتوجيه الأبحاث، إلى جانب استغلال بعض الأساتذة لمواقعهم الإدارية لأغراض شخصية، وتقصير البعض في مهامهم التدريسية والتأطيرية. وعلى الرغم من أن هذه السلوكيات تظل فردية ولا تمثل كافة الأطر الجامعية، إلا أنها تفرض الحاجة إلى مساءلة فعّالة، وتفعيل أخلاقيات المهنة الجامعية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
تبرز الحاجة إلى تغيير جذري في نمط اشتغال الجامعة المغربية لأسباب موضوعية، منها تغير سوق الشغل، الذي يتطلب تطوير المهارات الذاتية والرقمية وربط التكوين الأكاديمي بمتطلبات الاقتصاد، وثورة المعرفة الرقمية التي تستدعي نماذج تعليمية تفاعلية. كما أن تصاعد معدلات بطالة الخريجين يكشف عن خلل في ملاءمة التكوين مع الواقع، في وقت تشهد فيه البنية المجتمعية والديموغرافية تحولات عميقة تستوجب مراجعة دور الجامعة كمؤسسة مواكبة للتنمية.
لتجاوز هذه المعيقات، يتطلب الأمر مراجعة شاملة للمناهج والبرامج التعليمية، وتحديثها بما يواكب مستجدات المعرفة وينمي المهارات الحياتية والتفكير النقدي. كما أن تحفيز البحث العلمي بات ضرورة قصوى، من خلال خلق آليات تمويل واضحة ومستقلة وربط البحث بالمجالات ذات الأولوية. ويتعين كذلك تعزيز استقلالية القرار الجامعي، وتشجيع الانفتاح على المحيط السوسيو-اقتصادي من خلال شراكات فعلية مع المقاولات والمؤسسات. ومن الضروري أيضا إشاعة ثقافة النزاهة والاحترام داخل الفضاء الجامعي، حماية للطلبة والأساتذة على حد سواء، وتكريسا لجامعة المواطنة والمعرفة.
إن الجامعة المغربية تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم: فإما أن تظل حبيسة أعطابها البنيوية والأخلاقية، وإما أن تنخرط بوعي ومسؤولية في مشروع إصلاحي عميق وشامل. ولا سبيل لتحقيق هذا التغيير دون توافر إرادة سياسية واضحة، ونقاش مجتمعي مفتوح، والتزام فعلي من الفاعلين داخل الجامعة. فالجامعة ليست فقط مؤسسة تعليم، بل فضاء لبناء الإنسان، وصناعة المستقبل.
إلى جانب هذه الإكراهات الهيكلية، برزت في السنوات الأخيرة خروقات سلوكية وأخلاقية من طرف بعض الأساتذة، تمسّ بصورة الجامعة وتقوض ثقة المواطن فيها. فقد طفت إلى السطح ممارسات مشينة مثل التحرش الجنسي والابتزاز مقابل النقط، وهي ظواهر تمس بكرامة الطلبة، وتضرب في العمق أخلاقيات المهنة الجامعية. كما تسجل حالات من الزبونية والمحسوبية في تقييم الطلبة وتوجيه الأبحاث، إلى جانب استغلال بعض الأساتذة لمواقعهم الإدارية لأغراض شخصية، وتقصير البعض في مهامهم التدريسية والتأطيرية. وعلى الرغم من أن هذه السلوكيات تظل فردية ولا تمثل كافة الأطر الجامعية، إلا أنها تفرض الحاجة إلى مساءلة فعّالة، وتفعيل أخلاقيات المهنة الجامعية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
تبرز الحاجة إلى تغيير جذري في نمط اشتغال الجامعة المغربية لأسباب موضوعية، منها تغير سوق الشغل، الذي يتطلب تطوير المهارات الذاتية والرقمية وربط التكوين الأكاديمي بمتطلبات الاقتصاد، وثورة المعرفة الرقمية التي تستدعي نماذج تعليمية تفاعلية. كما أن تصاعد معدلات بطالة الخريجين يكشف عن خلل في ملاءمة التكوين مع الواقع، في وقت تشهد فيه البنية المجتمعية والديموغرافية تحولات عميقة تستوجب مراجعة دور الجامعة كمؤسسة مواكبة للتنمية.
لتجاوز هذه المعيقات، يتطلب الأمر مراجعة شاملة للمناهج والبرامج التعليمية، وتحديثها بما يواكب مستجدات المعرفة وينمي المهارات الحياتية والتفكير النقدي. كما أن تحفيز البحث العلمي بات ضرورة قصوى، من خلال خلق آليات تمويل واضحة ومستقلة وربط البحث بالمجالات ذات الأولوية. ويتعين كذلك تعزيز استقلالية القرار الجامعي، وتشجيع الانفتاح على المحيط السوسيو-اقتصادي من خلال شراكات فعلية مع المقاولات والمؤسسات. ومن الضروري أيضا إشاعة ثقافة النزاهة والاحترام داخل الفضاء الجامعي، حماية للطلبة والأساتذة على حد سواء، وتكريسا لجامعة المواطنة والمعرفة.
إن الجامعة المغربية تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم: فإما أن تظل حبيسة أعطابها البنيوية والأخلاقية، وإما أن تنخرط بوعي ومسؤولية في مشروع إصلاحي عميق وشامل. ولا سبيل لتحقيق هذا التغيير دون توافر إرادة سياسية واضحة، ونقاش مجتمعي مفتوح، والتزام فعلي من الفاعلين داخل الجامعة. فالجامعة ليست فقط مؤسسة تعليم، بل فضاء لبناء الإنسان، وصناعة المستقبل.