آخر الأخبار

بنكيران مجددًا على رأس المصباح : هل تنجح زعامته في إنقاذ العدالة والتنمية من أزمته العميقة؟


وسط أجواء مشحونة بالترقب، حسم حزب العدالة والتنمية يوم الأحد مؤتمره الوطني التاسع المنعقد ببوزنيقة، بتجديد ثقته في عبد الإله بنكيران على رأس الأمانة العامة، حيث تمكن بنكيران من تحقيق فوز واسع بحصوله على 994 صوتًا من أصل 1402 مصوت، بنسبة بلغت 69 في المئة، متقدما بفارق مريح عن إدريس الأزمي الإدريسي الذي حصل على 394 صوتًا، فيما جاء عبد الله بوانو بعيدًا بـ42 صوتًا فقط



و لم تخلُ إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران أمينًا عامًا لحزب العدالة والتنمية في المؤتمر الوطني التاسع من إشكاليات ومؤشرات مقلقة حول مستقبل الحزب، فبالرغم من فوزه الساحق في التصويت، إلا أن هذه النتيجة تثير تساؤلات عدة حول طبيعة هذا الانتصار في سياق سياسي حرج يمر به الحزب، مما يضعه في مواجهة تحديات داخلية وخارجية ستؤثر بشكل حاسم على دوره في المشهد السياسي المغربي.
 

أولًا، يُظهر فوز بنكيران أن الحزب لم يتمكن من تجديد نفسه بالشكل المطلوب. في وقتٍ تتغير فيه أولويات الناخب المغربي، ولا سيما في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية، يبدو أن "البيجيدي" لا يزال متمسكًا بشخصية قوبلت بالعديد من الانتقادات داخليًا وخارجيًا.

فمن جهة، يسعى الحزب لتكريس هويته الإسلامية في خطاباته السياسية، لكن من جهة أخرى، يجد نفسه غير قادر على التجديد في سياسته وفي أسلوب إدارته، مما يحد من قدرته على التواصل مع شرائح أوسع من المجتمع المغربي، خصوصًا الأجيال الجديدة التي لا تجد في قيادته الحالية ما يلبي تطلعاتها.
 

ثانيًا، تبرز الإشكالية الأهم وهي الارتباط العميق لبنكيران بجزء كبير من تاريخه الحكومي. فبالرغم من نجاحه في فترة سابقة، فإن تجربة الحزب في الحكومة من 2011 إلى 2021 كانت مليئة بالهزات، أبرزها النتائج الكارثية في انتخابات 2021 التي تسببت في تراجع كبير لعدد مقاعد الحزب في البرلمان.

في هذا السياق، يبدو أن الحزب لا يزال يدور في فلك الماضي، حيث لا يقدم بنكيران أو حزبه أي رؤية جديدة لتجاوز الأزمات الراهنة. وهذا يعكس فشل الحزب في بناء إستراتيجية انتخابية جديدة قادرة على استعادة ثقة الناخبين الذين تضرروا من تراجع مستوى المعيشة والوعود السياسية التي لم تُنفذ.
 

إضافة إلى ما تم ذكره سابقًا، يُمكن أيضًا تسليط الضوء على نقطة حساسة في سياق إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران أمينًا عامًا لحزب العدالة والتنمية، وهي مسألة التطبيع مع إسرائيل. هذه القضية تُعد من بين أبرز التحديات التي تواجه الحزب في المرحلة الحالية، نظرًا لتناقض موقفه التاريخي مع الواقع السياسي الجديد الذي يعيشه المغرب.
 

حزب العدالة والتنمية لطالما تبنى خطابًا قوياً في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وحاول أن يُظهر نفسه كأحد أبرز المدافعين عن حقوق الفلسطينيين في المغرب. ورغم ذلك، لا يمكن تجاهل موقف الحزب الحرج بعد التوقيع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل في ديسمبر 2020، وهو الاتفاق الذي وقع عليه المغرب ضمن سلسلة من التطورات السياسية التي أعقبت الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.
 

هذا التوقيع على التطبيع وضع الحزب في موقف تناقض واضح مع خطابه التقليدي حول القضية الفلسطينية، ما أثار العديد من الانتقادات داخل وخارج الحزب. ففي الوقت الذي كان بنكيران وحزبه يعتبران القضية الفلسطينية أحد أولويات السياسة الخارجية المغربية، وجد الحزب نفسه متورطًا في اتفاق مع الدولة التي لطالما كان يُعتبر محاربًا لها سياسيًا، ما شكل صدمة للكثير من قواعده الشعبية، خصوصًا تلك التي كانت تتمسك بموقف رافض للتطبيع

ختامًا، ورغم إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران أمينًا عامًا لحزب العدالة والتنمية، يبقى السؤال حول ما إذا كان الحزب قادرًا على استعادة بريقه السياسي. صحيح أن بنكيران قد ينجح في إعادة تجميع جزء من قاعدته الجماهيرية في الوقت الحالي، وقد يحسن من حضوره الإعلامي بشكل مؤقت، لكن الواقع يشير إلى أن الحزب بحاجة إلى تغيير جذري على مستوى الفكر والتنظيم، يتجاوز اجترار الماضي.

فالمتغيرات السياسية والاجتماعية التي تشهدها البلاد تتطلب خطابًا جديدًا قادرًا على مواكبة هذه التحولات. دون هذا التغيير، فإن الحزب سيظل حبيسًا لهويته القديمة، مما سيجعله مجرد شاهد على التحولات السياسية دون أن يكون له دور حقيقي في رسم ملامح المشهد السياسي المغربي
 


عبد الإله بنكيران، حزب العدالة والتنمية، المؤتمر الوطني التاسع، قيادة الحزب، الانتخابات الداخلية، الأزمة السياسية


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 28 أبريل 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic