هذه الأرقام تحمل في طياتها دلالات متعددة على واقع النظام السجني في المغرب، إذ تعكس ديناميكية متغيرة في حجم السكان السجنيين وملامحهم الديمغرافية والاجتماعية، بالإضافة إلى طبيعة الجرائم والعقوبات المطبقة.
غادر 85% من السجناء المؤسسات السجنية بعد انتهاء مدة العقوبة أو تنفيذ الإكراه البدني، وهو مؤشر على انتظام وتيرة تنفيذ الأحكام القضائية. كما أُفرج عن 10% بناءً على أحكام غير سالبة للحرية أو قرارات بالبراءة، بينما نال 4% منهم السراح المؤقت. يبرز هذا التنوع في مخرجات السجون توجهات قضائية تراعي حالات متعددة.
أما فيما يخص مدة الاعتقال، فقد بلغ متوسطها 12.47 شهراً، بزيادة طفيفة مقارنة بسنة 2023 التي سجلت 11.03 شهراً، ما يطرح تساؤلات حول طول فترة الاحتجاز وكيفية إدارتها، خاصة بالنسبة للمدانين في قضايا تتطلب إعادة تأهيل أو تدابير إصلاحية بديلة.
أوضح التقرير أن العقوبات قصيرة الأمد (سنتان أو أقل) تشكل 46% من العقوبات، تليها العقوبات المتوسطة (ما بين سنتين وعشر سنوات) بنسبة 44%، والعقوبات الطويلة (أكثر من 10 سنوات) تمثل 10% فقط. يشير هذا التوزيع إلى أن غالبية السجناء يقضون فترات معتدلة أو قصيرة نسبياً، وهو ما يتطلب برامج تأهيلية مكثفة وفعالة تتناسب مع مدة العقوبة.
أما فيما يخص طبيعة الجرائم، فقد احتلت قضايا القوانين الخاصة المرتبة الأولى بعدد 25.915 مداناً، تليها جرائم الأموال بـ19.043 حالة، وجرائم الاعتداء على الأشخاص بـ10.582 حالة، بالإضافة إلى قضايا الأمن العام والنظام العام والأخلاق العامة والأسرة. هذا التوزيع يعكس التركيبة الجنائية التي تواجهها المؤسسات السجنية ويبرز الحاجة إلى سياسات جنائية متوازنة.
تكشف المعطيات الديمغرافية أن الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة يشكلون حوالي 46% من الساكنة السجنية، ما يؤكد أن فئة الشباب تبقى الأكثر عرضة للتورط في الجرائم، الأمر الذي يتطلب سياسات وقائية وتدخلات اجتماعية موجهة لهذه الفئة.
كما تشكل النساء نسبة ضئيلة تقدر بـ2.59% فقط، ما يعكس خصوصية التوزيع الجنائي بين الجنسين، ولكن لا يقل أهمية الحاجة إلى توفير ظروف احتجاز تناسب متطلبات النساء السجينات.
من جهة أخرى، بلغ معدل الأميين بين السجناء 10.32%، وهو مؤشر على وجود فجوة في المستوى التعليمي بين السجناء، ما يؤثر على إمكانية إدماجهم لاحقاً في المجتمع. كما بلغت نسبة السجناء من ذوي الإعاقة 0.37%، والأجانب 1.60%.
شهد عدد السجناء بالمغرب نمواً سنوياً بمتوسط 3.44% خلال العقد الأخير، مع ارتفاع إجمالي بنسبة 40.24%، مما يعكس تزايداً مستمراً يتطلب تعزيز قدرات المؤسسات السجنية من حيث البنية التحتية والموارد البشرية والبرامج الإصلاحية.
ويشير التقرير إلى أن عام 2020 كان استثناءً في هذا الاتجاه بسبب الإجراءات المتخذة في ظل جائحة كورونا، والتي شملت عفو ملكي وتدابير تخفيفية قلصت عدد النزلاء بشكل مؤقت.
تبلغ نسبة المعتقلين احتياطياً حوالي 31.79% من مجموع السجناء، وهي نسبة عالية تشير إلى أهمية مراجعة نظام الاحتجاز المؤقت وأثره على الاكتظاظ السجني والحقوق القانونية للأفراد، إذ يظل الاعتقال الاحتياطي مرحلة حرجة تستوجب ضمانات صارمة لضمان عدم تجاوزها