الوزير أوضح أن العدالة المغربية تواجه ضغطا غير مسبوق، بمعالجة نحو خمسة ملايين ملف سنويا، ما يستدعي تحديثًا جوهريًا في أدوات وطرق العمل القضائي. كما أشار إلى أن المستقبل القريب، خصوصًا مع احتضان المغرب لكأس العالم 2030، سيجعل منظومة العدالة مطالَبة بالتكيف مع بيئة قانونية دولية مفتوحة، تستقبل مستندات قانونية من محاكم أجنبية وتتعامل مع فاعلين دوليين، من مكاتب محاماة وشركات واستثمارات عابرة للحدود.
وتتجه وزارة العدل، وفق ما كشفه وهبي، نحو دمج الذكاء الاصطناعي في بنية العمل القضائي، وذلك عبر تطوير تقنية "الإملاء الصوتي" لمساعدة القضاة على تسريع تحرير الأحكام، وتوثيق الجلسات آليًا، مع مراعاة تحديات التنوع اللغوي في المغرب، لا سيما الدارجة والأمازيغية. كما تخطط الوزارة لاستغلال الاجتهادات القضائية الموجودة رقميا، لتسهيل اطلاع القضاة على السوابق والممارسات السابقة، بما يعزز توحيد الرؤية القانونية.
وتعمل الوزارة أيضًا على تعزيز الخدمات الرقمية للمواطنين، عبر بوابات إلكترونية جديدة تتيح تقديم طلبات العفو والإفراج المقيد بطريقة مبسطة، كما تم رقمنة استخراج وثائق مهمة مثل السجل العدلي ووثيقة الجنسية، وتسهيل أداء الغرامات المالية المتعلقة بالرادارات الثابتة عن بعد. وتشمل المشاريع الرقمية الأخرى إنشاء "مرجع وطني إلكتروني" للمهن القضائية، ومنصات تبادل رقمي بين المحاكم والمحامين والمفوضين القضائيين، بما يكرس التحديث الشامل لمنظومة العدالة.
هذه الدينامية الرقمية تعكس – حسب مراقبين – تحولا مؤسساتيا عميقا في فلسفة تدبير العدالة، حيث لم تعد التحديات تقنية فقط، بل شاملة تمس الهوية المهنية للقضاء وطبيعة علاقته بالمواطن. ومع أن الوعود تبدو طموحة، فإن إنجاح هذا المسار يتطلب استثمارا في تكوين الموارد البشرية، وضمان الحماية القانونية للمعطيات، وتكييف المنظومة مع الحساسيات اللغوية والثقافية، حتى لا تتحول العدالة الرقمية إلى حيف جديد في حلة تكنولوجية