حياتنا

مجلس المنافسة يكشف اختلالات حادة في قطاع توزيع المواد الغذائية بالمغرب


في ظل ارتفاع الأسعار وتنامي الضغوط على القدرة الشرائية للمواطن المغربي، تبرز سلاسل توزيع الأغذية كواحدة من أبرز القطاعات التي تعكس تعقيدات بنيوية عميقة تساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. وأوضح رأي مجلس المنافسة رقم A/1/25 الصادر في يوليوز 2025، أن قطاع توزيع المواد الغذائية يعاني من فوضى هيكلية واضطراب مؤسساتي واضح، جعل المواطن الحلقة الأضعف في معادلة الغذاء، وأكد على أن الإصلاح لا بد أن يرتكز على الشفافية والحوكمة الفعالة



التضخم: ظاهرة محلية تتغذى على الاختلالات الهيكلية
 

رغم أن موجات التضخم التي عرفها المغرب منذ 2020 تأثرت بعوامل خارجية كجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، إلا أن مجلس المنافسة أشار إلى أن الفساد البنيوي في سلاسل التوزيع المحلية ساهم بشكل كبير في إنتاج تضخم داخلي يُثقل كاهل المستهلك. فالفارق بين سعر المنتج عند الخروج من المصنع والسلعة في المتجر يمكن أن يتجاوز 30%، خصوصاً في مواد أساسية مثل الحليب والطماطم المعلبة والمعجنات، دون وجود تبرير واضح أو شفافية في تحديد هذه الهوامش.
 

قطاع التوزيع بين التشتت الهيكلي وعدم التوازن
 

يمثل قطاع التجارة والتوزيع حوالي 84 مليار درهم من الناتج الداخلي الخام، ويشغل أكثر من 1.5 مليون شخص، إلا أنه يعاني من ازدواجية في بنيته. القطاع التقليدي، الذي يشكل الغالبية من حيث الحجم وعدد العاملين، يعاني من ضعف التنظيم وعدم استفادته من الدعم والتحديث. في المقابل، يتوسع القطاع العصري الذي يضم المراكز التجارية الكبرى والسوبرماركت بشكل مركز ومسيطر، إلا أن غيابه للضوابط يهدد توازن السوق.
 

غياب التنسيق القانوني ومحدودية تنفيذ النصوص
 

رغم وجود ترسانة من النصوص القانونية التي تحكم التجارة والأسعار وحماية المستهلك، فإن التشتت بين هذه القوانين وغياب التنسيق المؤسساتي يجعل من تطبيقها أمرًا محدود الأثر. بالإضافة إلى ذلك، غياب قاعدة بيانات وطنية دقيقة عن سلاسل التوزيع وهوامش الربح يعرقل التخطيط الاقتصادي السليم، ويترك المجال واسعًا للاختلالات والفوضى.
 

الهوامش الخلفية: صناديق سوداء ترفع الأسعار بلا شفافية
 

واحدة من أبرز المظاهر التي أبرزها التقرير هي ظاهرة "الهوامش الخلفية"، وهي رسوم خفية تفرضها المتاجر الكبرى على الموردين لقاء وضع منتجاتهم على الرفوف أو تحسين ترتيبها، دون أن تظهر هذه الرسوم على الفواتير. وتصل هذه الهوامش إلى نسب تتراوح بين 20% و40% من السعر النهائي، مما يجعل الموردين الصغار خارج المنافسة ويجعل المستهلك يدفع أكثر دون علمه.
 

التجارة التقليدية: دعامة اجتماعية مهددة
 

تلعب التجارة التقليدية دورًا أساسيًا في تأمين الغذاء للمغاربة، خاصة في المناطق القروية والشعبية، حيث تعد العمود الفقري لسلاسل التوزيع. ورغم أهميتها، تظل هذه التجارة غير مهيكلة ولا تستفيد من التحول الرقمي أو البرامج المهنية، مما يهدد استمرارها في ظل توسع القطاع العصري. ويؤكد المجلس على ضرورة تبني استراتيجية شاملة لدمج هذا القطاع في الاقتصاد الرسمي وتمكينه من التحديث.
 

الحوكمة المشتتة وغياب القيادة الموحدة
 

تشير الدراسة إلى غياب تنسيق فعال بين الجهات الحكومية المسؤولة عن قطاع التوزيع، حيث تتداخل مهام وزارات التجارة، الداخلية، الفلاحة، والمالية دون إطار مؤسساتي موحد يقود الإصلاحات ويضع السياسات المتكاملة. ويؤكد مجلس المنافسة على ضرورة إحداث هيئة موحدة تتولى التنسيق وتخطيط السياسات وتقييم نتائجها لضمان نجاح الإصلاحات


توزيع الأغذية، المغرب، مجلس المنافسة، التضخم، الهوامش الخلفية، التجارة التقليدية


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 4 يوليوز 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic