فن وفكر

لَا تَتْرُكْ شَيْئًا لِلصُّدْفَةِ 🎵




استمع لهذه القصيدة الموسيقية / عدنان بن شقرون


أولئك الذين ما زالوا يحبون القراءة

فِي صَبَاحٍ قَدِيمٍ، كُنْتُ طِفْلًا صَغِيرًا
بِيَدِي مِسْمَارٌ، وَقَلْبِي كَسِيرٌ
رَآنِي جَدِّي، فَابْتَسَمَ وَقَالَ:
"خُذْ وَقْتَكَ، لَا تَطْرُقْ بِلَا سُؤَالِ"

 إِنْ أَرَدْتَ الْحَظَّ، لَا تَتْرُكْهَا لِلْقَدَرِ
خَطِّطْ طَرِيقَكَ، وَلَا تَمْشِ عَشْوَائِيًّا فِي السَّفَرِ
فَالْحَظُّ كَالْبُسْتَانِ، نَسْقِيهِ فِي السَّحَرِ
وَيُزْهِرُ فِي يَوْمٍ، بِلَا صَخَبٍ وَلَا خَطَرِ 🌿

كَانَ يُعْشَقُ الْخَشَبَ، وَالْمَطَرَ، وَالسُّكُوتَ
كُلُّ مِسْمَارٍ عِنْدَهُ لَهُ مَعْنًى وَثُبُوتُ
قَالَ لِي: "الْمُسْتَقْبَلُ زَرْعٌ طَوِيلٌ،
يَحْتَاجُ صَبْرًا، وَيَدًا لَا تَمِيلُ"

مَرَّتْ سِنِينٌ، وَفِي وَجْهِيَ الرِّيحُ
فِي كُلِّ امْتِحَانٍ، تَذَكَّرْتُ النَّصِيحَ
كُلَّمَا تِهْتُ، سَمِعْتُ ذَاكَ الْكَلَامَ
"لَا شَيْءَ يَأْتِي لِمَنْ يَكْتَفِي بِالْأَحْلَامِ"
 
رَأَيْتُ رِجَالًا يَرْمُونَ نَرْدَ الْحَيَاةِ
يَنْتَظِرُونَ حَظًّا مِنَ السَّمَاءِ بِثَبَاتِ
لَكِنَّ الْحَظَّ لَا يَسْكُنُ فِي لُعْبَةِ الْحُظُوظِ
بَلْ فِي الْجُهْدِ، وَالْعَقْلِ، وَثَبَاتِ الْعَزُوزِ

قَالَ: "الْحَيَاةُ وَرْشَةٌ، فِيهَا تَعَبٌ"
"وَمَا يُبْنَى بِلَا خُطَّةٍ، سَرِيعًا يَخِبُّ"
حَتَّى الْحُبُّ، يَا بُنَيَّ، يَحْتَاجُ أَسَاسًا
لَا يَكْفِي الْوَرْدُ، لَا يَكْفِي الْإِحْسَاسُ

وَالْيَوْمَ حِينَ يَطْلُبُنِي الصِّغَارُ
أُرَدِّدُ مِثْلَمَا قَالَهُ الْكِبَارُ
"احْلُمْ، نَعَمْ، لَكِنْ لَا تَنْسَ الْبِنَاءَ
فَمَنْ لَا يَزْرَعْ، لَنْ يَجْنِيَ الرَّجَاءَ"

يَدَايَ تُشْبِهُ يَدَيْهِ مَعَ السِّنِينِ
تَعَبُهَا دَلِيلٌ، لَا يَشْكُو الْحَنِينِ
أُعَلِّمُ أَوْلَادِي كَيْفَ يُزْرَعُ الْمَسَارُ
وَأَقُولُ: "ابْدَأْ، لَا تَتْرُكْ شَيْئًا لِلْغُبَارِ"

وَحِينَ تَحِينُ النِّهَايَةُ، وَأُغَادِرُ الدِّيَارَ
أَتَمَنَّى أَنْ يَقُولُوا عَنِّي بِكُلِّ افْتِخَارٍ:
"مَا تَرَكَ شَيْئًا لِلصُّدْفَةِ، حَتَّى فِي الْغِيَابِ
كَانَ يَصْنَعُ حَيَاتَهُ كَأَجْمَلِ كِتَابٍ"

 إِنْ أَرَدْتَ الْحَظَّ، لَا تَتْرُكْهَا لِلْقَدَرِ
خَطِّطْ طَرِيقَكَ، وَلَا تَمْشِ عَشْوَائِيًّا فِي السَّفَرِ
فَالْحَظُّ كَالْبُسْتَانِ، نَسْقِيهِ فِي السَّحَرِ
وَيُزْهِرُ فِي يَوْمٍ، بِلَا صَخَبٍ وَلَا خَطَرِ 

تسرد القصيدة بأسلوب شاعري بسيط حكاية رمزية بين طفل وجدّه، تبدأ من موقف عابر: طفل يحاول دقّ مسمار فيخطئ. فيتدخل الجدّ بحكمة ويقول عبارته الخالدة: "إن أردت الحظ، لا تتركه للقدر".

تنطلق من هذه العبارة سلسلة من الدروس الحياتية، حيث يتحوّل العمل اليدوي البسيط إلى مجاز عن الحياة، والمسؤولية، والإعداد لكل خطوة.
يتأمل الشاعر في معاني الحظ، فيميز بين من ينتظره بلا جهد، ومن يصنعه بصبر وإتقان.
القصيدة تحتفي بالعمل، بالتخطيط، وبنقل التجارب من جيل إلى جيل، وتؤكد أن حتى الأشياء البسيطة كالمسمار، أو الحب، أو القرار، تحتاج إلى نية واضحة واستعداد مسبق.
في الختام، يتمنى الشاعر أن يُذكر كمن لم يترك شيئًا للفراغ، بل عاش حياته كمن يكتب كتابًا متقنًا حتى السطر الأخير.

اكتشف المزيد من أعمال المؤلف عدنان بن شقرون





الاثنين 14 يوليوز 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic