لا يتعلق الأمر بدعوة إلى الموت، بل بطرح إمكانية طوعية، منظمة، ومؤطرة طبّيًا، أمام أشخاص يعيشون معاناة لا تطاق في مراحل متقدمة من أمراضهم. القانون الجديد يقدّم لهم ما يُسمّى بـ"الخروج الكريم" من الحياة، بعيدًا عن الألم، وفي لحظة من الصفاء والقرار الذاتي.
لكن خلف هذا الخطاب الإنساني، تشتعل النقاشات : هل نحن فعلاً أمام حق فردي؟ أم أننا بصدد فتح باب قد يتحوّل تدريجيًا إلى مخرج "اجتماعي" للمرضى المزعجين، أو للأسر المنهكة؟ هناك من يُحذّر من أن يصبح هذا الحق أداة ضغط ناعمة تدفع الفقراء أو المُتعبين نحو قرار لم يختاروه بحرية كاملة.
كما أن هناك إقصاءات صريحة في القانون تثير الحيرة: لماذا لا يشمل المصابون باضطرابات نفسية أو بمرض الزهايمر؟ هل يُعتبرون أقل أهلية لاتخاذ قرار الرحيل؟ أم أن المجتمع يرفض أن يثق في من فقد السيطرة على ذاته؟
المثير أن هذا النقاش يكشف هشاشتنا الجماعية أمام فكرة الموت: نريد أن نتحكّم في كل شيء، حتى في لحظة النهاية. نسعى إلى موت "نظيف"، مرتب، نقرره نحن وليس القدر. وفي هذا الميل المتزايد إلى السيطرة، تبرز مفارقة معبّرة: مجتمعات تسخّر كل طاقاتها لتأجيل الموت، هي نفسها التي باتت تُشرّع خيار الرحيل الطوعي.
في المغرب، هذه الأسئلة تبدو وكأنها قادمة من كوكب آخر، الموضوع يُقابل بصمت ثقيل، كأن لا أحد يتألّم، أو كأنّ كل شيء يمكن تسويته بكلمة "الصبر". غير أن الواقع أشد قسوة: كثير من المرضى المغاربة يواجهون نهاية الحياة في عزلة مؤلمة، دون دعم نفسي، دون رعاية مناسبة، دون حوار. والموت، بدل أن يكون لحظة سلام، يتحوّل إلى امتحان للقسوة.
لا أحد يطالب بأن نستنسخ النموذج الفرنسي. لكن على الأقل، لنفكر. هل نملك في نظامنا الصحي ما يضمن كرامة المريض حتى آخر لحظة؟ هل نمتلك الشجاعة لفتح هذا الملف، قبل أن يطرق أبوابنا، دفعة واحدة، بلا مقدمات؟
أما في سويسرا، فالفكرة تحوّلت منذ سنوات إلى واقع قانوني صريح. هناك، يُمكن لأي شخص، حتى لو كان أجنبيًا، أن يلجأ إلى جمعيات خاصة لتنظيم وفاته بمرافقة طبية، ضمن شروط صارمة، ولكن شفافة، نموذجٌ يثير الإعجاب بقدر ما يثير الجدل، لكنه على الأقل يمنح ما نفتقده بشدة: الوضوح والحق في النقاش.
لكن خلف هذا الخطاب الإنساني، تشتعل النقاشات : هل نحن فعلاً أمام حق فردي؟ أم أننا بصدد فتح باب قد يتحوّل تدريجيًا إلى مخرج "اجتماعي" للمرضى المزعجين، أو للأسر المنهكة؟ هناك من يُحذّر من أن يصبح هذا الحق أداة ضغط ناعمة تدفع الفقراء أو المُتعبين نحو قرار لم يختاروه بحرية كاملة.
كما أن هناك إقصاءات صريحة في القانون تثير الحيرة: لماذا لا يشمل المصابون باضطرابات نفسية أو بمرض الزهايمر؟ هل يُعتبرون أقل أهلية لاتخاذ قرار الرحيل؟ أم أن المجتمع يرفض أن يثق في من فقد السيطرة على ذاته؟
المثير أن هذا النقاش يكشف هشاشتنا الجماعية أمام فكرة الموت: نريد أن نتحكّم في كل شيء، حتى في لحظة النهاية. نسعى إلى موت "نظيف"، مرتب، نقرره نحن وليس القدر. وفي هذا الميل المتزايد إلى السيطرة، تبرز مفارقة معبّرة: مجتمعات تسخّر كل طاقاتها لتأجيل الموت، هي نفسها التي باتت تُشرّع خيار الرحيل الطوعي.
في المغرب، هذه الأسئلة تبدو وكأنها قادمة من كوكب آخر، الموضوع يُقابل بصمت ثقيل، كأن لا أحد يتألّم، أو كأنّ كل شيء يمكن تسويته بكلمة "الصبر". غير أن الواقع أشد قسوة: كثير من المرضى المغاربة يواجهون نهاية الحياة في عزلة مؤلمة، دون دعم نفسي، دون رعاية مناسبة، دون حوار. والموت، بدل أن يكون لحظة سلام، يتحوّل إلى امتحان للقسوة.
لا أحد يطالب بأن نستنسخ النموذج الفرنسي. لكن على الأقل، لنفكر. هل نملك في نظامنا الصحي ما يضمن كرامة المريض حتى آخر لحظة؟ هل نمتلك الشجاعة لفتح هذا الملف، قبل أن يطرق أبوابنا، دفعة واحدة، بلا مقدمات؟
أما في سويسرا، فالفكرة تحوّلت منذ سنوات إلى واقع قانوني صريح. هناك، يُمكن لأي شخص، حتى لو كان أجنبيًا، أن يلجأ إلى جمعيات خاصة لتنظيم وفاته بمرافقة طبية، ضمن شروط صارمة، ولكن شفافة، نموذجٌ يثير الإعجاب بقدر ما يثير الجدل، لكنه على الأقل يمنح ما نفتقده بشدة: الوضوح والحق في النقاش.