الطفل الذي لا يحتضن ولا يقال له "أنا أحبك"، ينشأ دون أن يكتسب المعجم العاطفي السليم، فلا يتعلم أن العناق قد يكون طمأنينة، وأن الكلمة الطيبة قد تكون دعما صادقا. وبدلا من أن يطور شعورا بالثقة في العلاقات الإنسانية، يتسلل إليه شعور مبكر بأن القرب العاطفي مشبوه، وأن النوايا خلف المودة غير بريئة. ذلك أن دماغ الطفل لا يتلقى إشارات الارتياح حين يقرّب منه، لأنه لم يختبرها في بيئة آمنة، بل يُشفرها كإشارات خطر أو تشويش.
وحين يكبر هذا الطفل، يواجه العالم بعين مرتبكة. أي فعل بسيط من الحنان قد يقرأ على أنه تعد، وأي تقارب قد يُفسَّر كتحرش أو محاولة استغلال. ليس لأنه يعاني من خلل عقلي، بل لأنه لم يتعلم – ببساطة – أن يفرق بين المودة والاعتداء. المشاعر في وعيه غير مميزة، والخريطة النفسية التي تكونت لديه تربط تلقائيا بين الحب والخطر، وبين القرب والتهديد. وتلك إحدى آفات النشأة في بيئة جافة وجدانيا.
في علم النفس، تفسر هذه الحالة من خلال نظرية التعلق، التي ترى أن غياب التفاعل العاطفي الآمن في الطفولة ينتج أنماطا غير سوية من العلاقات لاحقا، كالتعلق التجنبي أو القلق. كما أن غياب النموذج الإيجابي للتقارب العاطفي يدفع الفرد إلى بناء دفاعات نفسية ترفض الحنان وتعاديه، لا لأن هذا الرفض حقيقي، بل لأنه وسيلة للوقاية من الألم المحتمل. وفي هذه الحالة، يفضل الفرد أن يتألم من الوحدة على أن يربك كيانه احتمال الاحتواء.
التحرش ليس دائما فعلا جسديا مباشرا، بل هو أيضا فكرة مشوهة في وعي بعض من تربوا على الشح العاطفي، حيث تصبح النظرة، الكلمة، أو القرب الجسدي، أفعالا تصنف لا شعوريا كتهديدات. وهذا التشويش في تفسير القرب العاطفي ليس اختيارا واعيا، بل نتيجة مسار طويل من النقص، والخوف، والتشوهات الإدراكية التي لم تجد من يصححها في الوقت المناسب.
إن ما تحتاجه مثل هذه الحالات ليس العزلة، بل إعادة التربية العاطفية في بيئات علاجية آمنة، حيث يعاد بناء معنى العناق، ومعنى الكلام الطيب، ويفهم من جديد أن الحنان ليس اقتحاما، وأن الحب لا يعني الخطر. فالعاطفة، حين تحرم في الصغر، تتحول في الكبر إلى سؤال مرعب: لماذا يقتربون مني؟ وما الذي يخفونه خلف هذا العناق؟
وحين يكبر هذا الطفل، يواجه العالم بعين مرتبكة. أي فعل بسيط من الحنان قد يقرأ على أنه تعد، وأي تقارب قد يُفسَّر كتحرش أو محاولة استغلال. ليس لأنه يعاني من خلل عقلي، بل لأنه لم يتعلم – ببساطة – أن يفرق بين المودة والاعتداء. المشاعر في وعيه غير مميزة، والخريطة النفسية التي تكونت لديه تربط تلقائيا بين الحب والخطر، وبين القرب والتهديد. وتلك إحدى آفات النشأة في بيئة جافة وجدانيا.
في علم النفس، تفسر هذه الحالة من خلال نظرية التعلق، التي ترى أن غياب التفاعل العاطفي الآمن في الطفولة ينتج أنماطا غير سوية من العلاقات لاحقا، كالتعلق التجنبي أو القلق. كما أن غياب النموذج الإيجابي للتقارب العاطفي يدفع الفرد إلى بناء دفاعات نفسية ترفض الحنان وتعاديه، لا لأن هذا الرفض حقيقي، بل لأنه وسيلة للوقاية من الألم المحتمل. وفي هذه الحالة، يفضل الفرد أن يتألم من الوحدة على أن يربك كيانه احتمال الاحتواء.
التحرش ليس دائما فعلا جسديا مباشرا، بل هو أيضا فكرة مشوهة في وعي بعض من تربوا على الشح العاطفي، حيث تصبح النظرة، الكلمة، أو القرب الجسدي، أفعالا تصنف لا شعوريا كتهديدات. وهذا التشويش في تفسير القرب العاطفي ليس اختيارا واعيا، بل نتيجة مسار طويل من النقص، والخوف، والتشوهات الإدراكية التي لم تجد من يصححها في الوقت المناسب.
إن ما تحتاجه مثل هذه الحالات ليس العزلة، بل إعادة التربية العاطفية في بيئات علاجية آمنة، حيث يعاد بناء معنى العناق، ومعنى الكلام الطيب، ويفهم من جديد أن الحنان ليس اقتحاما، وأن الحب لا يعني الخطر. فالعاطفة، حين تحرم في الصغر، تتحول في الكبر إلى سؤال مرعب: لماذا يقتربون مني؟ وما الذي يخفونه خلف هذا العناق؟