تأخرت شيرين عن الصعود إلى الخشبة لأكثر من أربعين دقيقة عن الوقت المعلن، وهو تأخير لم يُرفق بأي اعتذار أو توضيح. وعندما اعتلت المنصة، لم يكن الغناء هو أول ما شدّ انتباه الجمهور، بل غياب الصوت الحي واعتمادها على "البلاي باك" في أولى الوصلات، ما أحدث نوعًا من التوتر في المدرجات، وتجلى في صيحات مطالبة بالأداء المباشر: "بصوتك، بصوتك!".
اللافت أن الفنانة لم تكتفِ بالبلاي باك، بل كانت تغادر المنصة بين كل أغنية وأخرى، دون مبرر واضح، تاركة فراغًا ثقيلاً في الأجواء، كأن الحفل يجري على مراحل منفصلة. هذه الانقطاعات المتكررة، التي لم تُفسّر للجمهور، جعلت كثيرين يتساءلون إن كانت شيرين بالفعل مستعدة لهذا اللقاء، أم أنها صعدت مرغمة تحت وطأة التزامات فنية غير مكتملة.
ومع اقتراب نهاية الحفل، وبينما كان الجمهور ينتظر كلمة شكر أو تحية ختامية، غادرت شيرين المنصة دون أن تنطق بكلمة، تاركة انطباعًا عامًا بأن اللقاء انتهى فجأة وبشكل بارد. الأسوأ من ذلك، أنها عادت إلى الخشبة بعد مغادرة عدد كبير من الجمهور، لتختتم العرض بأغنية واحدة، في مشهد عزز الشعور العام بخيبة اللقاء.
بعيدًا عن الصوت القوي والموهبة التي لا يشكك فيها أحد، فقد كشفت هذه السهرة عن ثغرات واضحة في الإعداد والتفاعل. فالفنانة بدت تائهة بين لحظات غناء مسجلة ومحاولات تدارك متأخرة، في غياب شبه تام للحضور الذهني والاحترام الكامل للجمهور الذي قطع مسافات، ودفع ثمن التذكرة، وأتى محمّلًا بالتوق إلى لحظة فنية تُعاش بصدق.
ما وقع في حفل شيرين لا يُلغي تاريخها ولا موهبتها، لكنه يطرح أسئلة جوهرية عن معنى الالتزام الفني، وعن ضرورة احترام الجمهور كمكون أساسي في التجربة الغنائية. فالخشبة ليست فقط مكانًا للغناء، بل هي عقد ثقة، إن كُسر، يصعب ترميمه بالكلمات وحدها