آخر الأخبار

انتهى زمن المناورة... واشنطن تُجبر البوليساريو على الاختيار بين الحكم الذاتي أو السقوط في قائمة الإرهاب


من واشنطن تأتي المؤشرات واضحة لا تقبل التأويل، مشروع قانون أمريكي جديد، تقدم به السيناتور الجمهوري جو ويلسون والنائب الديمقراطي جيمي بانيتا، يعيد رسم معادلة النزاع المفتعل في الصحراء المغربية من منظور مغاير: إما الانخراط الجاد في مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، أو مواجهة التصنيف كتنظيم إرهابي، وبين هذا وذاك، تتعرى جبهة البوليساريو أمام العالم، فيما ينكشف الغطاء عن تورط الجزائر في رعاية كيان مسلح عابر للحدود، يخترق القانون الدولي ويغذيه المال والسلاح القادم من طهران



الكونغرس يقلب الطاولة… والبوليساريو في مرمى العقوبات الدولية

لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى جبهة البوليساريو كحركة انفصالية تقليدية في نزاع طويل الأمد، بل بدأت تدرجها في سياق أوسع يرتبط بالأمن الإقليمي والدولي، والعلاقات المشبوهة مع دول ومنظمات مصنفة إرهابية. مشروع القانون الجديد لا يكتفي بوصف هذه الجبهة المسلحة كتهديد للاستقرار في شمال إفريقيا، بل يربطها مباشرة بإيران، الحرس الثوري، حزب الله، وحزب العمال الكردستاني، في تقاطع خطير بين الانفصال والتطرف.
 

ولعل أبرز ما جاء في نص القانون، هو استنادُه إلى وقائع موثقة، وتدقيقه في مسارات الدعم اللوجستي والعسكري والتدريب الذي توفره طهران للبوليساريو عبر وكلائها، مع تأكيد تقارير موثوقة على أن هذه الجبهة باتت تتدرب على تشغيل الطائرات المسيرة الإيرانية، وتستعرض ذخائر من منشأ إيراني في بثوص إعلامية رسمية. هذا التحول في طبيعة التهديد، يضع البوليساريو – ومن خلفها الجزائر – في خانة الحرَج الاستراتيجي والأخلاقي.
 

الجزائر: دولة راعية أم متواطئة؟
 

إذا كان القانون الأمريكي الجديد يعيد ضبط البوصلة القانونية والسياسية تجاه البوليساريو، فإنه يضع الجزائر أمام محكّ لا يقل أهمية. فالدعم السياسي، والمالي، واللوجستي الذي توفره الجزائر منذ عقود لهذه الجبهة، لم يعد قابلاً للتبرير تحت شعارات "حق تقرير المصير"، بل بات يبدو، في ضوء المعطيات الأمنية، دعماً مباشراً لكيان مسلح له ارتباطات بشبكات التطرف العابر للقارات. وهو دعم يحمل الجزائر مسؤولية مزدوجة: من جهة تأجيج نزاع دام أكثر من أربعة عقود، ومن جهة ثانية، خلق منطقة خارجة عن القانون في قلب منطقة الساحل والصحراء، قد تتحول إلى ملاذ للجماعات المسلحة والإرهابيين.
 

الحكم الذاتي: الفرصة الأخيرة أمام الجبهة
 

المادة الخامسة من مشروع القانون تبدو بمثابة "طوق نجاة" أخير لجبهة البوليساريو. فإذا ما قبلت الجبهة الانخراط بصدق في مفاوضات لتفعيل مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب إلى مجلس الأمن منذ 2007، قد تُجنّب نفسها تصنيفاً إرهابياً سيكون بمثابة نهاية رسمية لكيانها المزعوم. أما إذا اختارت الاستمرار في التماهي مع أطروحات إيران وحلفائها، فإنها تكون قد وضعت آخر مسمار في نعشها السياسي والدبلوماسي.
 

المغرب، الذي يحظى بدعم متزايد للمبادرة التي قدمها لحل النزاع، يربح اليوم ورقة جديدة. فهو لا يحتاج إلى تبرير مشروعية سيادته على أقاليمه الجنوبية، بقدر ما يواصل كسب الاعترافات الدولية وتأييد المبادرات الواقعية وذات المصداقية، التي تتماشى مع منطق القانون الدولي، ومبادئ السلم والاستقرار.
 

التحولات الجيوسياسية تُعيد ترتيب أوراق النزاع
 

إن المتغير الأمريكي الأخير لا يمكن قراءته بمعزل عن التحولات الجيوسياسية في المنطقة، ولا عن تنامي الوعي الدولي بخطورة تساهل بعض الدول مع تنظيمات هجينة تجمع بين الانفصال والتطرف. فمشروع القانون الذي يدفع في اتجاه تصنيف جبهة البوليساريو ككيان إرهابي، لا يُمثّل فقط تحوّلًا في زاوية النظر الأمريكية، بل يُعدّ ضربة قوية للدبلوماسية الجزائرية التي طالما حاولت تسويق هذا التنظيم كـ"حركة تحرر"، بينما تُظهر الوقائع ارتباطاته المتزايدة بمحاور تهديد الأمن والسلم الدوليين.
 

وبين خيار الحكم الذاتي، الذي يحظى بدعم واقعي وواسع، تجد البوليساريو نفسها أمام لحظة مفصلية، عنوانها: إما الانخراط في الحل السياسي أو الانزلاق نحو العزلة الكاملة والتصنيف الإرهابي، وما على الجزائر، إن كانت بالفعل حريصة على الاستقرار في شمال إفريقيا، إلا أن تُراجع رهاناتها وتكفّ عن تغذية مشروع انفصالي أصبح عبئًا إقليميًا وتحدّيًا أمنياً لم يعد مقبولًا دولياً.


الولايات المتحدة، الكونغرس الأمريكي، مشروع قانون، البوليساريو، الجزائر، إيران، حزب الله، الحرس الثوري، الإرهاب


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 10 يوليوز 2025

              

آخر الأخبار | حياتنا | صحتنا | فن وفكر | لوديجي ستوديو | كتاب الرأي | هي أخواتها | تكنو لايف | بلاغ صحفي | لوديجي ميديا [L'ODJ Média] | المجلة الأسبوعية لويكاند | اقتصاديات | كلاكسون


Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ
















تحميل مجلة لويكاند







Buy cheap website traffic