ويأتي هذا التصنيف في ظل تفاوت كبير بين الدول، إذ تصدرت تايوان القائمة العالمية برصيد 78,72 نقطة، تلتها كوريا الجنوبية وأستراليا، نتيجة اعتمادها على نظم صحية مبتكرة تجمع بين التكنولوجيا الرقمية، البيانات الصحية الذكية، ونسب مرتفعة من الأطباء لكل مريض. كما أثبتت الدول الأوروبية مثل السويد، ألمانيا، وهولندا قدرة أنظمتها الصحية على الجمع بين الاستقرار التشغيلي وجودة القوى العاملة، ما يعزز الإنتاجية ويحقق استدامة طويلة الأمد.
على المستوى الإقليمي، تصدرت إسرائيل دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمركز العاشر عالميًا، تلتها الإمارات (17) والسعودية (37)، بينما جاءت الكويت في المرتبة 73، متقدمة على المغرب مباشرةً. ويؤكد هذا الترتيب أن المغرب ما زال أمامه مسافة مهمة لتحقيق المعايير الدولية، خصوصًا في مجالات توسيع البنية التحتية، تعزيز قدرات الكوادر الطبية، وضمان توفر الأدوية بأسعار معقولة.
ويشير التقرير إلى أن الاستثمار في الصحة لم يعد مسألة محلية أو قطاعية فقط، بل أصبح أداة استراتيجية للتنمية الاقتصادية والتنافسية الدولية. فالخبرات العالمية تشير إلى أن أنظمة الرعاية الصحية الفعالة تعزز القدرة الجيوسياسية للدولة وتدعم استقرار القوى العاملة، بينما يظهر ضعف النظام الصحي في دول مثل السلفادور، التي حلت في ذيل الترتيب، كيف يمكن أن يفاقم الفقر الصحي التداعيات الاقتصادية والاجتماعية ويحد من قدرة الدولة على التطور.
وتشير التجارب الناجحة في آسيا وأوروبا إلى أن الابتكار الرقمي والتخطيط المستقبلي يمثلان عوامل حاسمة لتحسين جودة الرعاية الصحية، كما أن دمج التأمين الصحي الموحد، وتحسين الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية، يسهم في رفع كفاءة النظام الصحي وتخفيف الضغوط على المواطنين. ومن هذا المنطلق، يبرز الدور الكبير للسياسات الحكومية والتخطيط الاستراتيجي في إحداث تغييرات ملموسة على الأرض.
بالنسبة للمغرب، فإن هذا التقرير يشكل نداءً للاستثمار في الصحة وتطوير البنية التحتية والخدمات الصحية بشكل مستدام، بما يواكب النمو السكاني والتحولات الاقتصادية والاجتماعية. كما يمثل فرصة لوضع استراتيجيات شاملة لتعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص، وتشجيع الابتكار في المجال الطبي، واستقطاب كفاءات مغربية من الخارج لتدعيم المنظومة الصحية الوطنية