كتاب الرأي

العمل والهشاشة : عندما لا يكفي الراتب لتغطية مصاريف الحياة في المغرب


يعاني سوق العمل المغربي من عدة تحديات، منها هشاشة الأجور، الضغوط النفسية، ونقص الدعم المؤسسي. يواجه عدد كبير من الموظفين، رغم جهودهم واحترافيتهم، وضعية حيث لا يكفي راتبهم لتغطية الاحتياجات الأساسية للحياة اليومية. تدفع هذه الحقيقة المزيد من المغاربة إلى البحث عن مصادر دخل إضافية، غالبًا عبر العمل الاجتماعي أو غير الرسمي. ولكن هذه الوضعية، تتجاوز الجانب المالي، وتطرح أيضًا تساؤلات عميقة حول الرفاه الشخصي، الصحة النفسية، والتماسك الاجتماعي في البلاد.



بقلم : محمد آيت بلحسن

العبء الصامت للموظفين المغاربة: الراتب غير الكافي وضغوط العمل

يعاني العديد من الموظفين المغاربة في كثير من الحالات من أن الرواتب لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية لعائلاتهم. وتنعكس هذه الحقيقة المقلقة في زيادة الوظائف غير الرسمية أو الوظائف التكميلية. يجد العديد من الموظفين أنفسهم مضطرين للجوء إلى أنشطة خارج عملهم الرئيسي، مثل بيع المنتجات أو تقديم الخدمات بشكل فردي. يوضح هذا الظاهرة هشاشة الوضع المالي لجزء كبير من القوى العاملة. غالبًا، تكون هذه الدخل الإضافي ضرورية للحفاظ على مستوى أدنى من الراحة والاستقرار، لكنها تزيد أيضًا من العبء النفسي والضغط الاجتماعي على العمال.

تأثير نقص الموارد المالية على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية

ينتج عن الضغط المرتبط بنقص الموارد المالية آثارًا لا تُستهان بها. فهو يؤثر ليس فقط على الصحة النفسية للموظفين، بل أيضًا على علاقاتهم الاجتماعية. تخلق حالة عدم اليقين المستمرة، وساعات العمل الطويلة، والحاجة إلى التوفيق بين مصادر دخل متعددة بيئة تؤدي إلى الإرهاق النفسي. ويؤدي هذا الضغط إلى دورة مفرغة، حيث تصبح السعي المستمر وراء المال عبئًا صعب التحمل. يجد الموظفون أنفسهم في دوامة من القلق المالي الذي يمكن أن يؤثر في نهاية المطاف على قدرتهم على الازدهار في حياتهم الشخصية والمهنية.


الهشاشة والضغط والنضال من أجل البقاء : تحديات الموظفين في المغرب

تظل إحدى الوسائل الأكثر فعالية لتخفيف الضغط على الموظفين المغاربة هي الدعم المجتمعي. تشكل التضامن الاجتماعي والمساعدة المتبادلة بين الجيران أو الزملاء أو ضمن العائلات عناصر أساسية لمواجهة الصعاب. لكن هذا الدعم لا يجب أن يقتصر على تصرفات عابرة. بل يجب أن يكون ضمن دينامية جماعية تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي وتقديم حلول مستدامة للأشخاص في وضع صعب. يمكن للشبكات الاجتماعية والمجتمعية أن تلعب دورًا مهمًا من خلال توفير منصة لتبادل النصائح، وفرص العمل، أو التدريب الذي يهدف إلى تحسين المهارات المهنية.

ورغم أن وضع الموظفين المغاربة ليس فريدًا عالميًا، إلا أنه يبقى خاصًا. في العديد من الدول، يتمتع الموظفون بشروط عمل أفضل، ورواتب تتناسب أكثر مع الواقع الاقتصادي، وأمان وظيفي يسمح لهم بالتخطيط لمستقبلهم بثقة. بالمقابل، يقدم المغرب صورة أكثر تعقيدًا، حيث تستمر التفاوتات في الأجور وظروف العمل الهشة. بالإضافة إلى ذلك، يظل موضوع التنقل الاجتماعي تحديًا كبيرًا. فعلى سبيل المثال، يكافح الخريجون الشباب غالبًا للعثور على وظيفة مستقرة في مجال دراستهم، مما يزيد من الإحباط والعزلة الاجتماعية.


و لكي يتمكن الموظفون المغاربة من الازدهار فعليًا، يجب إعادة التفكير في السياسات الاقتصادية والاجتماعية. يجب إعطاء الأولوية لتحسين أجور العمل، وتهيئة ظروف عمل لائقة، وإنشاء آليات دعم للعمال الهشين. في الوقت نفسه، من الضروري تعزيز برامج التدريب وتطوير المهارات، لتوفير فرص نمو مهني وللوصول إلى وظائف بأجور أفضل. يجب أيضًا التفكير في برامج الدعم النفسي والوقاية من الضغط النفسي في العمل لمساعدة الموظفين في حياتهم اليومية.
 

الدور الحاسم للتضامن الاجتماعي لتحسين حياة العمال في المغرب

يجب أن يلعب كل من المجتمع المدني والشركات دورها أيضًا. تشجيع الشركات على توفير بيئة عمل صحية ومتوازنة، حيث يشعر الموظفون بالاحترام والتقدير، يمكن أن يكون خطوة أولى نحو التغيير. يجب على أرباب العمل فهم أن نجاح أي شركة يعتمد أيضًا على رفاهية موظفيها. في هذا الصدد، يمكن أن تساهم مبادرات مثل إقرار إجازات الأبوة، وإدارة الوقت المرنة، وتحمل تكاليف الرعاية الطبية في تحسين ظروف حياة الموظفين المغاربة.
 

في النهاية، لا يعتمد رفاه الموظفين فقط على الدولة أو الشركات، بل أيضًا على التزام المجتمع بشكل جماعي. المساواة في الفرص، واحترام الحقوق الاجتماعية، وتحسين ظروف العمل هي أهداف تتطلب مشاركة جميع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين





الخميس 20 نوفمبر 2025

في نفس الركن
< >

الاثنين 17 نوفمبر 2025 - 11:31 والعود للذكرى أحمد


              

تعليمات خاصة بركن «الرأي الحر / ضيوف المنبر / نبض القلم / بلاغات صحفية »
 
الغاية
هذا الركن مفتوح أمام المتصفحين وضيوف الجريدة للتعبير عن آرائهم في المواضيع التي يختارونها، شرط أن تظل الكتابات منسجمة مع الخط التحريري وميثاق النشر الخاص بـ L’ODJ.

المتابعة والتحرير
جميع المواد تمر عبر فريق التحرير في موقع lodj.ma، الذي يتكفل بمتابعة المقالات وضمان انسجامها مع الميثاق قبل نشرها.

المسؤولية
صاحب المقال هو المسؤول الوحيد عن مضمون ما يكتبه. هيئة التحرير لا تتحمل أي تبعات قانونية أو معنوية مرتبطة بما ينشر في هذا الركن.

الممنوعات
لن يتم نشر أي محتوى يتضمن سبّاً أو قدحاً أو تهديداً أو ألفاظاً خادشة للحياء، أو ما يمكن أن يشكل خرقاً للقوانين المعمول بها.
كما يُرفض أي خطاب يحمل تمييزاً عنصرياً أو تحقيراً على أساس الجنس أو الدين أو الأصل أو الميول.

الأمانة الفكرية
السرقات الأدبية أو النقل دون إشارة للمصدر مرفوضة بشكل قاطع، وأي نص يتبين أنه منسوخ سيتم استبعاده.


















Buy cheap website traffic