وبلغة صريحة، أوضح السكوري أن تجاوز أزمة البطالة يتطلب تغييرا في القواعد التي تنظّم العلاقة بين المشغل والعامل، قائلًا: "إذا لم نُراجع مدونة الشغل، أو على الأقل جزءًا منها، فلن نتمكن من إيجاد حل فعلي لمشكلة البطالة، وهذه هي الحقيقة".
ولفت الوزير إلى أن المدونة الحالية، التي تضم نحو 600 مادة، أصبحت متجاوزة في بعض جوانبها، داعيًا إلى التركيز على الملفات التي تعكس مظاهر الحيف الواضح، مثل الظروف القاسية التي يشتغل فيها حراس الأمن الخاص، والذين يُجبرون قانونيًا على العمل 12 ساعة يوميًا، معتبرًا أن هذه المقتضيات لم تعد مقبولة ويجب تصحيحها.
في سياق متصل، أشار السكوري إلى بروز شرائح جديدة من العاملين في السوق المغربي، خاصة أولئك الذين يمارسون أنشطتهم عبر المنصات الرقمية وشبكات التوصيل، مؤكدًا أن هذه الفئة تشتغل خارج أي حماية قانونية، ما يستوجب إدماجها في إطار تنظيمي جديد يضمن حقوقها الاجتماعية والاقتصادية.
أما بخصوص النساء في سوق الشغل، فقد دعا الوزير إلى إصلاح مزدوج يشمل تفعيل العمل الجزئي والعمل عن بُعد، مع الإقرار بضرورة توفير إطار جبائي ولوجستي ملائم، بما في ذلك معالجة مصاريف التنقل والمرونة في تنظيم ساعات العمل، بما يسمح للنساء بالجمع بين الحياة المهنية والأسرية.
وحرص السكوري على التأكيد بأن الإصلاح المرتقب سيتم في إطار من التشاور والحوار مع النقابات والفرقاء الاجتماعيين، انطلاقًا من التزامات الحوار الاجتماعي الذي انطلق منذ دجنبر الماضي، مشددًا على أن الهدف ليس فقط تحديث المدونة، بل جعلها أداة لخدمة العدالة الاجتماعية وتحقيق توازن جديد في علاقات الشغل.
كما أبرز أن مؤشرات النمو الاقتصادي الإيجابية التي سجلتها المملكة في العام الماضي، والمتوقعة أيضًا خلال 2025، تعزز من فرص إصلاح سوق العمل، خاصة مع انطلاق أوراش مونديال 2030 وتوسيع برامج التكوين المهني، والتدرج المهني، وإنشاء مدن المهن والكفاءات.
وفي ختام مداخلته، شدد الوزير على أن تحديث مدونة الشغل يمثل إحدى الدعامات الرئيسية للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الشامل، معتبرًا أن استقرار المقاولات وضمان كرامة الأجراء لا يمكن أن يتحققا إلا من خلال توازن قانوني يُراعي التحولات التي تعرفها بيئة الشغل اليوم