يشير التقرير إلى تعزيز واضح للدعم الدولي للمبادرة المغربية، مع بروز موقفين بارزين: الأول من واشنطن التي جدّدت اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية ودعت إلى مفاوضات تستند إلى مقترح الحكم الذاتي كإطار وحيد للحل، والثاني من لندن التي وصفت المبادرة المغربية بأنها “الأكثر مصداقية وواقعية وقابلية للتطبيق”، مؤكدة دعمها الكامل للمسار الأممي. هذه المواقف تضع الأسس العملية لمسار تفاوضي واضح المعالم، وتمنح رؤية أوضح للشركاء الدوليين حول طبيعة الحل الممكن.
كما يكرّس التقرير الدور المركزي للأمم المتحدة في العملية السياسية، وهو ما يتماشى مع موقف المغرب الذي يؤكد أن الحل الشرعي لا يمكن أن ينبثق إلا من المنظمة الأممية. وقد حظي المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا بدعم واسع من أعضاء مجلس الأمن، ما يمنح العملية زخماً مؤسساتياً واضحاً. بالنسبة للرباط، يُترجم هذا الأمر إلى ساحة تفاوض مضبوطة المعالم، تظل فيها مبادرة 2007 المرجع الأساسي، مع تحديد الأطراف المعنية بشكل واضح: المغرب، الجزائر، موريتانيا، وجبهة البوليساريو.
وعلى المستوى السياسي الداخلي، يبرز التقرير رؤية الملك محمد السادس الداعية إلى حل يقوم على مبدأ “لا غالب ولا مغلوب”، مقرونة بانفتاح على الحوار مع الجزائر. هذا الخطاب يعكس رغبة مغربية في التهدئة وإعطاء الأولوية للاستقرار الإقليمي، بما يعزز صورة المملكة كفاعل مسؤول يسعى إلى الأمن والتنمية في المنطقة المغاربية.
وفي الجانب التنموي، يستعرض التقرير حجم الاستثمارات في الأقاليم الجنوبية، خصوصاً في مجالات الماء والبنية التحتية والطاقة والصحة والتعليم، إضافة إلى تنظيم فعاليات دبلوماسية وثقافية ورياضية. كما يشير إلى تطور سكاني ملحوظ في المناطق الواقعة غرب الجدار الأمني، حيث ارتفع عدد السكان من نحو 450 ألفاً إلى 600 ألف نسمة خلال عقد واحد، ما يعكس دينامية بشرية واقتصادية تُثبت ميدانيًا الاندماج الكامل لهذه الأقاليم ضمن المنظومة الوطنية.
أما على صعيد البنية التحتية، فقد أشار التقرير إلى إنجاز طريق استراتيجي بطول 93 كيلومتراً يربط مدينة السمارة بالحدود الموريتانية، مخصص للاستخدام المدني ويفتح معبراً ثانياً بعد معبر الكركرات. هذا المشروع يمثل مكسباً اقتصادياً وأمنياً للمغرب، يعزز الربط الإقليمي ويساهم في إدماج الصحراء ضمن الاقتصاد الإفريقي.
في الشق الأمني، يسجل التقرير استمرار بعض المناوشات المحدودة، لكنه يثمن التعاون المتواصل بين القوات المغربية وبعثة “المينورسو”، مؤكداً أن البعثة الأممية تواصل ثقتها في قدرة المغرب على ضمان سلامة أفرادها وممتلكاتها غرب الجدار الأمني. كما يبرز التقرير الجهود المغربية في مجال نزع الألغام، حيث تم تطهير أكثر من 129 مليون متر مربع في سنة واحدة، ما يعد مكسباً إنسانياً وأمنياً يعزز صورة المغرب كدولة مسؤولة عن حماية أرواح المدنيين.
وفي باب حقوق الإنسان، تطرق التقرير إلى ملاحظات تتعلق بحرية التعبير والوصول إلى المعتقلين، غير أن الموقف المغربي يمكن أن يتحول إلى فرصة لتقوية التعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وإبراز دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المتابعة والمصالحة. هذا التفاعل الإيجابي سيُظهر المغرب كشريك منفتح ومتعاون، ويحدّ من محاولات التشويش على مصداقية مبادرته.
كما أبرز التقرير الموقف الموريتاني المتوازن، الذي يتماشى مع رؤية المغرب القائمة على التعاون البراغماتي لضمان أمن الحدود وحركة التجارة والمواصلات، ما يعزز الشراكة الأطلسية التي تسعى إليها الرباط.
وفي الخلاصة، يدعو التقرير إلى تمديد مهمة بعثة المينورسو وتجديد التهدئة الكاملة، وهو ما يتيح للمغرب تعزيز صورته كطرف موثوق ومتعاون مع الأمم المتحدة، يتمسك بمقترح الحكم الذاتي كحل سياسي واقعي، ويواصل الاستثمار في التنمية الإقليمية.
النتيجة الدبلوماسية النهائية تكشف أن المغرب يرسخ موقعه داخل معادلة دولية متوازنة: الأمم المتحدة كإطار شرعي، الحكم الذاتي كخيار عملي، دعم متزايد من قوى مؤثرة، وانفتاح على شركاء الجوار. وهو ما يجعل الرباط اليوم أكثر قرباً من تحقيق الاعتراف الكامل بمبادرتها كخيار وحيد قابل للتطبيق على أرض الواقع.