كتاب الرأي

ازدواجية الخطاب التربوي في المنظومة التعليمية : بين المدرسة الكولونيالية والمدرسة الوطنية ؟؟


لايختلف اثنان في تأثيرات المدرسة الكولونيالية زمن الحماية على المسار التعلمي ببلادنا ،هل مازلت أثرها واضح على المدرسة المغربية أو على الخطاب التربوي برمته ؟ .ولهذا فإن الخطاب التعليمي الآن تتقاذفه قضية الاندماج في المنظومة الفرنسية وقضية الانسلاخ عليها والحفاظ على الهوية المغربية للمدرسة الوطنية بكل تجلياتها التربوية.حسب المنظور الوطني .



بقلم :الدكتور مصطفى بلعوني

أن بوادر المدرسة الكولونيالية بدأت قبل  دخول الحماية إلى المغرب  وظهرت بالضبط في التصنيفات الإدارية بين اللجنة التربوية التابعة لوزارة التعليم الفرنسية وبين إدارة الشؤون الأهلية في المستعمرات حيث اعتمدت على تقارير، رحالة، وسياسيين ومبشرين ،وعسكريين، جاؤوا في أشكال مختلفة تجار، جغرافيون ممرضين، ربابنة البحر ، وحيت أن مهندس ناشئة سنوات الحماية للجيل  الأول اعتمد بالخصوص على ماكتب في نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين كنموذج للتدريب في شكل دراسات للمجال الجغرافي أو الترابي أو مسح تاريخي  وايركولوجي وأنثروبولوجيا  واستغرافي ،  وفني ، هذه الدراسات لها أهداف محددة وأساسية أي الوصول.

الى  روح البلدان منها المغرب.اذن فطرحت أسئلة إشكالية هي :  كيف سنعلم.؟ ماذا سنعلم؟ ومن سنعلم؟ ولهذا فإن التقارير الذي وضعتها ادارة الشؤون الأهلية تحت إشراف المقيم العام الماريشال  ليوطي كانت رهن إشارة. لجنة التعليم الفرنسية التابعة لوزارة التعليم  الفرنسية إذن فقسمت المجتمع ووضعت برنامج لكل فئة  تعليمها الطبقي و التعليم النخبوي والتعليم المهني والوظيفي كل هذه التعلمات يجب أن تكون تعليما  "مزيفا ".لا يصلح لأي شيء ولا يستعمل لأي شيء ، يؤدي الى البطالة وتخريج أشخاص غير صالحين وليس نافعين لأنفسهم ولا للبلاد أو الوطن ( .جورج هاردي مدير التعليم العمومي) بالمغرب أما التعليم الطبقي يتجلى في المناطق الجغرافية في البوادي وفي الجبال .وداخل البوادي بين الأعيان من الفلاحين والطبقة الفقيرة المسحوقة .بين البربر الذين يكون تعليمهم  قريبا من التعليم  الكاثوليكي أؤمن التعليم  للا اسرائيليات أما  في المدن و في الأحياء الفقيرة يخدم التعليم آلة الصناعة  الاستعمارية  .

ولهذا فإن مسؤول السياسة التعليمية في المغرب أو المدير التعليم العمومي زمن الحماية  سنة 1919 جورج هاردي : يقول :"إن القوة تبني الامبراطوريات ، ولكنها ليست هي التي تضمن لها الاستمرار والدوام، أن الرؤوس تنحي أمام المدافع، في حين تظل القلوب تغذي نار الحقد والرغبة في الانتقام  ، يجب إخضاع النفوس بعد إخضاع الأبدان "".ولهذا قام الاستعمار بتطبيق سياسته التعليمية لتمزيق عرى الوثقى للمجتمع الذي بناها الإسلام والدين الإسلامي والتشريع .أن المعاهد الدينية تم تهميشها  هي  التي كانت تلقن تعاليم الدين الإسلامي والأخلاق العالية وتحت عن التضامن والتآزر .وتتبيت رسالة الإسلام وهي الطمأنينة والسكينة وضع مبادئ الإسلام السمحاء لافرق بين عربي وأعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بتقوى أي  الإيمان.وهي من تقاليد حقوق الإنسان في الإسلام  .وقد لعب الفرنسيون على هذا الوتر من أجل تمزيق المجتمع حيث رتبوه وصنفوا اعتمادا على دراسات سوسيولوجية وانثروبولوجية باحثين كبار.تمرسوا على المجتمعات التي تقترب من المجتمع المغربي خاصة في  الجزائر وتونس.

متل أميل مسكرا  وروبيرت مونطاني وفرانسوا  كويتي .إلى آخره الذين كانوا يدرسون في الجامعة الفرنسية بالجزائر .
أن السياسة التعليمية الكولونيالية هندس لها قادة عسكريين كبار مثل الماريشال ليوطي التي تمرس  في الجزائر عندما كان واليا لسنوات طوال يقود منطقة عسكرية ومدنية في الجنوب . وجاء مسلحا بأكثر التجارب الي جربها عند الأهالي. ويقال انه كان من الجبهة الوطنية الفرنسية المتشددة لامجاد فرنسا ..

ولهذا اتفق هؤلاء صناع السياسة التعليمية الاستعمارية في المغرب على هدف واحد إذ تقول هذه السياسة " أن أكثر ما يجب أن نهتم به هو نحرص على ألا تصنع لنا المدارس الأهلية رجالا صالحين لكل شيئ ، ولا يصلحون لشيء، يجب أن لا يجد التلميذ بمجرد خروجه من المدرسة عملا يناسب التكوين الذي تلقاه ، حتى لا يكون من جملة أولئك  العارفين"  المزيفين "أولئك اللامنتمون طبقيا ، العاجزون عن القيام بعمل مفيد ، والتي تنحصر مهمتهم في المطالبة " .إذن هذا التوجس كان عاما عند السلطات الفرنسية الاستعمارية والتعليم في مجمله يكون هدفه منع الإضراب الاجتماعي.أو خلق فكر نقدي أو يطرح مقاربات اجتماعية منها الوعي الجمعي لماذا نحن مستعمرون ؟ولماذا فرنسا تستعمرنا ؟ 

ويذهب في نفس الاتجاه جون مارتي مدير ثانوية مولاي ادريس  بفاس حيث يقول :"  وإذا يجب أن لا نهتم بالكم ، يجب ألا تصنع في المغرب سنة تعد أخرى وبشكل مطرد ، وعلى حساب مصلحة المجتمع المغربي ومصلحة الامبراطورية الفرنسية ، رجالا ينمي فيهم التعليم أذواق وحاجات وامالا،  لن يقدروا هم على ارضائها بأنفسهم .ولن تقدر الحماية  ولا المخزن ولا المستعمرة ولا الاقتصاد المغربي على تحقيقها لهم ."

جون مارتي  كان ينشر ذلك باستمرار أفكاره ومواقفه ، لأنه كان تابع للمديرية التعليم العمومي  ومن الأدوات المنفذة لذلك .ومن جملة ما قاله خلاصة : التعليم يكون فرنسيا في وسائله وأهدافه يخدم فرنسا في المغرب ، مجالات التدريس حددها في المهن والفلاحة التي تخدم الاستعمار واقتصاده .كما قرروا أن لغة التدريس هي اللغة الفرنسية فقط .

"أما اللغة العربية والحس الإسلامي سيكون مغيبا محاصرا في كل مناحي الحياة وخاصة التعليم بل أن الحماية الفرنسية ستواجه كل محاولة ، تدخل بصرامة ".هذه هي نظرة  المنفذين أو الآليات الفرنسية لزرع المثا قفة الفرنسية  بالمغرب .اعتمادا على التعليم والتدريس انطلاقا من رؤية تخدم مصالح الاستعمار وتتميز بالتفوق الفرنسي كبشر على سائر الشعوب .ولهذا نجد الكتاب المدرسي يخدم هذه الاستراتيجية لافي نماذج الدروس ولافي البرنامج التعليمي والتربوي أو المنهاج التعليمي  "Kurikulum" 

التربوي الذي بقي مستمرا لسنوات  واكبر نماذجه كتاب الابتدائي 
“Bien lire et comprendre”أو le chien qui c'est lire “Espirentoze va au marché “ هذا المحتوى من 
التفوق  الفرنسي ، وأن الشعوب المستعمرة يجب أن تخضع لفرنسا لتلقي الحضارة والمدنية الأوروبية .التي ضيعتها خاصة البرابرة أيام الاحتلال الروماني البيزنطي لشمال أفريقيا قبل دخول الإسلام  في المغرب ،أن الصراع في نهاية المطاف صراع حضاري ثقافي .

أن السياسة التعليمية الفرنسية بالمغرب إبان الحماية كانت تعتمد على التعليم وعلى النظام التربوي لأنه هو الذي يرسخ الاستعمارالذي لايبنى بالقوة أو بالجانب العسكري، أن الذي يكرس الاستعمار عناصر ثلاثة هما التجار والمهندس والمعلم .

حتى قال أحد المتتبعين الإنجليز أن فرنسا وسياستها التعليمية بالمغرب نجحت في وضع الاستعمار وآلياته حقيقة .
أما في المدرسة الوطنية ابتدأت فعاليتها ومواقفها لعصرنة النظام التعليمي ابتداء من المحاضرة التي ألقاها السفير محمد الحجوي في معهد الدراسات العليا بباريس سنة 1924 دعا فيها الى تعليم المراة  وكان عنوانها " في إصلاح التعليم الفتاة بالديار المغربية"

هذه المحاضرة التي لقيت جدلا كبيرا في الأوساط المغربية وخاصة بين الحداثيين والتقليديين .لكن المخزن المغربي والفقهاء المتشددين .مالبثوا يقاومون .أي عصرنة للتعليم .ولهذا فإن المغرب سوف يعرف نقاشات كبيرة  .في هذا الصدد من جراء الصدمة التي خلفها الاستعمار داخل المجتمع المغربي الغارق في التقليدانية .مع أن لا تفصله عن أوروبا إلا بضعة كيلومترات . لكن البعد كان في استعمال العقل والتماهي مع النهضة الأوروبية. 

أما في المنطقة الفرنسية  انطلق  الإصلاح التعليمي  ابتداء من سنة 1930 عندما تشكل وفدا من بلدية. فاس ينتقل للقاء السلطان محمد بن يوسف والإقامة العامة حول الاقتراحات لإصلاح. التعليم وتشكل الوفد من حمزة الطاهري وأحمد مكوار وبن عبد الجليل لكن السلطات الحماية اعترضت على الذهاب مع الوفد علال الفاسي ومحمد بن الحسن الوزاني وقد طرح الوفد أن اللغة العربية وحدها هي لغة التدريس ويجب أن تكون الأساسية في التعليم .وفي الشمال كان هذا النقاش بدأ سنة 1934 محمد بن داوود وعبد الخالق الطريس (العدد الأول صحيفة الحياة).في الاوساط الرسمية للمنطقة الخلفية .كما أن السلطان محمد بن يوسف أسس أو مدرسة لتعليم الفتيات. أطلق عليها اسم مدرسة الاميرة للاعائشة 16 نونبر 1947.وفي هذا الصدد يخرج علال الفاسي بموقف واضح من الاستعمار إذ يقول : "ليس لأية أمة الحق في أن تحكم الشعوب الواقعة تحت سيطرتها حكما ابديا "( الحركات الاستقلالية) .فرنسا أرادت من خلال سياستها التعليمية المتبعة في المغرب أن تكون أبدية. وذلك نتيجة البرنامج التعليمي والكتاب المدرسي الذي يخدم الاستعمار ويحيد  الأمة المغربية على أنسيتها وهويتها المتعددة الأعراق. والثقافات .الذي وحدها الإسلام.   

لكن الخطاب التعليمي الوطني كان خطابا مناضلا جند نفسه للدفاع عن الهوية للأمة المغربية في  كل فترات الزمن الاستعماري و عن الهوية اللغوية للأمة المغربية .من خلال إحداث مدارس ومؤسسات تعليمية حرة ويقول علال الفاسي " أن الأمة التي تتعلم بلغة غير لغتها لا يمكن أن تفكر الا بفكر أجنبي  عنها " ويضيف علال الفاسي لا توجد أمة على وجه  الأرض تضحي بلغتها التي هي عنوان وجودها وتنتحل  لغة أخرى ، ولو بلغت ما بلغت من الحيوية ومن السمو إلا إذا كان ذلك عن طريق القوة والاضطهاد غير المقبولين "علال الفاسي النقد الذاتي . 

إن أهم خطوة في سبيل  إصلاح التعليم هو جعله بلغة واحدة  هي لغة البلاد ، ذلك هو الهدف القومي الذي يحب أن يسعى له الجميع هذه هي  وجهة نظر الحركة الوطنية إبان الاستقلال وفي زمن الحماية الفرنسية على المغرب ..أن الحكومة يجب أن تعتني بشأن المعرفة ويجعلها في متناول كل الطبقات وأن  تحمل الجاهلين أن يتعلموا اذا لم تعمل ذلك حكومة لا قيمة لها في هذا  العصر." 

أن ازدواجية الخطاب التربوي هي التي جعلت العملية التعليمية التعلمية مخاضا عسيرا إبان الاستقلال ولم يستقم ذلك بكثرة بين تيارين فرانكفوني وتيار عربفوني ،  التجاذبات منذ الاستقلال إلى اليوم .مرورا بعدة أجوبة على أسئلة ، جاءت في المناظرات وهي  المعمورة  1966 وافران  1980 و ميثاق التربية والتكوين (-1999، 2005)م البرنامج الاستعجالي( 2009 - 2012).والرؤية الوطنية  الاستراتيجية لإصلاح التعليم (2015-2030 ).هذه المراحل التي مر منها "إصلاح التعليم " الذي مازال يترنح حول استقامته  خدمة لتنمية البلاد والحفاظ على.هويتها وانفتاحا على المعرفة ومتغيرات العصر.حتى قال أحد المسؤولين في 2015 "" يجب أن نتعلم كيف نتعلم ""…؟؟؟؟ هذه خلاصة النظام التعليمي إلى  أين يسير ..؟؟.ويجب أن يسير برؤية وطنية يشارك فيها الجميع بعيدا عن المزايدات السياسية .؟
أستاذ باحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية. 


  

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 5 ماي 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic