قررت السلطات الانتقالية في مالي، يوم الأربعاء، تعليق أنشطة الأحزاب والجمعيات ذات الطابع السياسي على مستوى البلاد "حتى إشعار آخر". وجاء هذا القرار وفقًا لمرسوم رسمي أُعلن عنه عبر الإذاعة والتلفزيون المحلي، حيث بررت السلطات هذا الإجراء بـ"أسباب تتعلق بالنظام العام".
شمل القرار تعليق أنشطة جميع الأحزاب السياسية والجمعيات ذات الطابع السياسي، بالإضافة إلى أي منظمة أخرى تدعي أنها تحمل طابعا سياسيا. ويُعد هذا الإجراء خطوة غير مسبوقة، تعكس الوضع السياسي المتوتر في البلاد، خاصة في ظل التحولات التي تشهدها مالي منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المنتخبة عام 2021.
يأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من إصدار التوصيات الناتجة عن المرحلة الوطنية من مشاورات القوى الحية للأمة والماليين المقيمين بالخارج. وقد ركزت هذه المشاورات، التي عُقدت الأسبوع الماضي في العاصمة باماكو، على مراجعة الميثاق الوطني للأحزاب السياسية في مالي. ويبدو أن السلطات الانتقالية تسعى من خلال هذا الإجراء إلى إعادة تنظيم المشهد السياسي في البلاد، بما يتماشى مع التوصيات الجديدة.
ويطرح تعليق أنشطة الأحزاب والجمعيات السياسية تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية في مالي، خاصة في ظل التحضير للانتخابات المقبلة التي يُفترض أن تعيد البلاد إلى الحكم المدني. كما يعكس القرار حالة التوتر السياسي والأمني التي تعيشها مالي، حيث تواجه السلطات الانتقالية تحديات كبيرة تتعلق بإعادة الاستقرار ومكافحة الجماعات المسلحة التي تنشط في مناطق واسعة من البلاد.
ومن المتوقع أن يثير هذا القرار جدلاً واسعًا داخل مالي وخارجها، خاصة بين الأحزاب السياسية والجمعيات التي قد ترى فيه تضييقًا على الحريات السياسية. كما قد يواجه انتقادات من المجتمع الدولي، الذي يدعو السلطات الانتقالية إلى الالتزام بخارطة الطريق المتفق عليها لإعادة الحكم المدني.
ويُعد قرار تعليق أنشطة الأحزاب والجمعيات السياسية خطوة تعكس الوضع الحساس الذي تعيشه مالي في ظل المرحلة الانتقالية. وبينما تسعى السلطات إلى تبرير القرار بحماية النظام العام، يبقى من الضروري ضمان أن لا يؤدي هذا الإجراء إلى إضعاف العملية الديمقراطية أو تأخير العودة إلى الحكم المدني، وهو ما ينتظره الشعب المالي والمجتمع الدولي بفارغ الصبر.