تعود جذور القضية إلى عام 2005، حينما كان ساركوزي يشغل منصب وزير الداخلية. وتُوجه له اتهامات بالتورط في اتفاق سري مع القذافي عبر اثنين من المقربين، هما كلود غيان وبريس أورتوفو، للحصول على تمويل غير مشروع لحملته الرئاسية.
وتواجه المحكمة ساركوزي باتهامات بالفساد، واستغلال أموال عامة مختلسة، وتمويل انتخابي غير قانوني، والانتماء إلى شبكة إجرامية، وهي تهم قد تفضي إلى عقوبة تصل إلى عشر سنوات سجناً وغرامة مالية كبيرة، فضلاً عن حرمانه من الحقوق المدنية.
تأتي هذه المحاكمة بعد سلسلة من القضايا التي خضع لها ساركوزي في السنوات الأخيرة، من بينها قضية "بيغماليون" المتعلقة بتجاوز سقف الإنفاق في حملته الانتخابية لعام 2012، وقضية التنصت التي أدين فيها بتهمة الفساد والتأثير على قاضٍ فرنسي، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة سنة مع المراقبة الإلكترونية.
وتُركز المحاكمة الحالية على تحقيقات امتدت لعشر سنوات، استندت إلى شهادات مسؤولين ليبيين سابقين، وزيارات سرية قام بها مقربو ساركوزي إلى ليبيا، بالإضافة إلى تحويلات مالية مشبوهة ومذكرات كتبها وزير النفط الليبي السابق، الذي توفي في ظروف غامضة عام 2012.
ويتوقع أن تستمر المحاكمة عدة أشهر، حيث ستشهد جلسات مكثفة لدراسة التفاصيل المرتبطة بتمويل الحملة، بينما يؤكد محامو الدفاع عدم وجود أدلة قاطعة تدعم الاتهامات. في المقابل، يُعتقد أن القذافي استفاد من هذا الاتفاق لتحسين صورته دولياً، خاصة بعد استقباله في باريس بحفاوة عقب انتخاب ساركوزي رئيساً، ما أدى إلى توقيع عقود تجارية ضخمة وتقديم دعم قانوني لمسؤولين ليبيين.
ويتابع القضاء أيضاً علاقات مشبوهة بين رجال أعمال مرتبطين بالقضية، بينهم زياد تقي الدين، الذي وردت تقارير حول تلقيه تحويلات مالية من ليبيا. وتشمل التحقيقات اتهامات بتسليم حقائب تحتوي على أموال نقدية لدعم الحملة الانتخابية.
ورغم نفي ساركوزي القاطع لهذه المزاعم، يبقى الحكم النهائي للقضاء محط اهتمام واسع، بالنظر إلى التداعيات القانونية والسياسية المحتملة لهذه القضية المعقدة.