التأطير القانوني والدستوري للمجتمع المدني
افتُتحت الندوة بكلمات ترحيبية ألقاها السيد عبد الله البكراوي، المفوض الجهوي لمنظمة الكشاف المغربي، والسيد نوفل عامر، رئيس اللجنة التحضيرية، ممثلاً عن القيادة العامة للمنظمة، قبل أن تنطلق بمداخلة الأستاذ أحمد البوز، أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط.
افتُتحت الندوة بكلمات ترحيبية ألقاها السيد عبد الله البكراوي، المفوض الجهوي لمنظمة الكشاف المغربي، والسيد نوفل عامر، رئيس اللجنة التحضيرية، ممثلاً عن القيادة العامة للمنظمة، قبل أن تنطلق بمداخلة الأستاذ أحمد البوز، أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط.
تناول الأستاذ البوز في مداخلته التأطير الدستوري والقانوني لدور المجتمع المدني، موضحاً ضرورة انخراطه في إعداد السياسات العمومية والمشاركة في صياغة الدستور. كما تطرق إلى أهمية العمل التطوعي كركيزة أساسية للديمقراطية، داعياً إلى تعميق مساهمة المجتمع المدني في الجماعات الترابية عبر شراكات مثمرة ومشاريع مشتركة.
وقد عزز مداخلته بإحصاءات ودراسات توضح الإمكانيات غير المستغلة للمجتمع المدني، مشددًا على وجوب انتقاله من دوره التقليدي في العمل الخيري إلى موقع أكثر تأثيراً في اتخاذ القرار على المستوى المحلي، بما يواكب تطلعات الجهوية المتقدمة.
الجهوية المتقدمة وقيم التطوع: تجربة الحركة الكشفية
من جانبه، سلط الأستاذ عزير الهيلالي، ابن منظمة الكشاف المغربي وعضو اللجنة التنفيذية لحزب ونائب رئيس جهة الرباط سلا القنيطرة، الضوء على الإرث العريق للحركة الكشفية في المغرب، والتي ساهمت في تكوين أجيال من الشباب الملتزمين بالعمل التطوعي.
وبيّن الهيلالي أن الجهوية المتقدمة شكلت تحولاً جوهرياً، حيث أصبحت كل جهة تتمتع باستقلالية أكبر في تدبير شؤونها. كما ناقش أهمية دعم الجمعيات ذات المنفعة العامة وإعادة النظر في الإطار القانوني الخاص بها لتسهيل عملها وتعزيز دورها التنموي.
وقد استعرض الأستاذ عزيز الهيلالي، المكاسب الدستورية و القانونية لنظام الجهوية المتقدمة مند دستور 2011 من خلال التنصيص على مبدأ سلطة التدبير الحر في تسيير الجهة انطلاقا من سلطة التداول بكيفية ديمقراطية إلى سلطة تنفيذ مداولاتها و مقرراتها و هي نقلة نوعية أسست لعهد جديد في مفهوم الجهوية ببلادنا.
و كذلك أكد على صدارة الجهة في إعداد المخططات و البرامج مع مراعاة الإختصاصات الذاتية للجماعات الترابية ،ثم أخيرا سبل ممارسة الجهة لاختصاصاتها الذاتية و المشتركة بينها و بين الدولة و المنقولة إليها من طرف الدولة ، و ذلك بغاية تحقيق التنمية الجهوية عبر إعداد و تتبع تنفيذ برنامج التنمية الجهوية و إعداد و تتبع إنجاز التصميم الجهوي لإعداد التراب ...
و استعرض السيد هيلالي من جانبه، أهمية الآليات التشاركية للحوار و التشاور على مستوى مجالس الجهات مع ممثلي المجتمع المدني لتسهيل مساهمة هذه الأخيرة في تقديم اقتراحات و توصيات تدخل في إطار إعداد برامج التنمية الجهوية ، و كذلك شروط و كيفية إيداع العرائض من قبل الجمعيات، و هو مجال في غاية الأهمية إلا أن الممارسة العملية أظهرت محدوديته بسبب عدم إدراك بعض أطرافه للأدوار التي أراد المشرع استثمارها بما يفي بالتكامل المنشود بين المنتخب و الفاعل المدني ..
و في ما يخص مجال تكافؤ الفرص و الولوج إلى التمويل العمومي، أشار السيد هيلالي إلى اقتصار هذا الأمر فقط على الجمعيات ذات المنفعة العامة و التي لا تتجاوز 244 جمعية على المستوى الوطني في حين أن عدد ما تبقى من الجمعيات يصل إلى ما يزيد عن 268 ألف جمعية و هو أمر غير منصف أمام الحركية و الفعالية التي تميز الفاعل الجمعوي ببلادنا و فيه كثير من الحيف اتجاه باقي الجمعيات الأخرى و التي تحتاج بشكل دائم للدعم العمومي لتحقيق أهدافها و إنجاح برامجها الثقافية و الفنية و التربوية و التنموية المفتوحة أمام عموم المواطنات و المواطنين و بالمجان ...
و في ختام مداخلته قدم السيد عزيز هيلالي مجموعة من الاقتراحات و التوصيات تهم أساسا :
- ضرورة مراجعة قانون تأسيس الجمعيات لما من شأنه دعم المكاسب و التراكمات الإيجابية لمقتضيات ظهير الحريات العامة لسنة 1958 كما تم تعديله ،مع تحيينه بمقتضيات جديدة تساير التطور الكبير الذي عرفه العمل المدني بالمغرب مند ما يزيد على ستين سنة و التغيرات التي يشهدها المجتمع المغربي بشكل مستمر و خاصة لذى الشباب .
- الرفع من الميزانية التي تخصصها كافة الجماعات الترابية لدعم العمل الجمعوي لتنشيط الحركية الثقافية و الإجتماعية و الرياضية و التنموية..
- رفع مقتضى وجوب توفر الجمعيات على شرط المنفعة العامة للاستفادة من الدعم المالي من مجالس الجهات ..
- تطوير مفهوم الديمقراطية التشاركية بما يضمن انخراطا أوسع للمجتمع المدني و فعالية أكبر في التأثير على القرار المتعلق خاصة بالتنمية المحلية و الجهوية المندمجة..
- تعزيز قنوات التواصل بين المجالس المنتخبة و الفاعلين الجمعويين حسب مجالات تخصصهم ..
- دعم الدينامية الجهوية في هذا المجال بالعالم القروي الذي يعرف نقصا و تهميشا كبيرين.
كما دعا إلى تصنيف الجمعيات وفق تخصصاتها (ثقافية، اجتماعية، رياضية) لضمان استهداف أكثر فاعلية للتمويل والدعم. كما شدد على ضرورة توجيه الموارد نحو البرامج الجادة التي تلبي احتياجات المجتمع، مشيراً إلى مسؤولية وزارة الثقافة في توفير الإمكانيات اللازمة لتحقيق أهداف الجمعيات، مع تبسيط الإجراءات الإدارية التي تعرقل عملها.
نحو شراكة فعّالة لتحقيق التنمية
بدوره، تناول الأستاذ عبد القادر الكيحل، أستاذ جامعي ومستشار برلماني ورئيس مجلس مقاطعة باب لمريسة، دور المجتمع المدني في إعداد برامج التنمية المحلية وتعزيز قدراته المؤسسية.
وأشار الكيحل إلى تجربة جماعة سلا التي نجحت في وضع برنامج عمل محلي يعتمد على مقاربة تشاركية شاملة. وأوضح أن الجماعات الترابية مطالبة بتجاوز أدوارها التقليدية لتصبح محركاً رئيسياً للتنمية.
كما لفت الانتباه إلى أهمية التهيئة، التتبع، والتقييم في إنجاح المشاريع التنموية، مؤكداً أن العمل التطوعي يجب أن ينبع من إيمان عميق بقيمة الخدمة العامة، وليس فقط كوسيلة لتحقيق مكاسب شخصية.
وفي سياق مداخلته، تطرق إلى ضرورة تبني مقاربة النوع والعمل مع الفئات الهشة، مشدداً على تعزيز الآليات التشاركية بين المؤسسات والجمعيات لضمان التنفيذ الأمثل للبرامج التنموية.
رؤية جديدة للعمل المدني
أكدت الندوة أن قيم التطوع والعمل المدني تمثل جوهر التنمية المستدامة، وأن الحركة الكشفية تعد نموذجاً يحتذى به في تعزيز هذه القيم. ومع تطبيق الجهوية المتقدمة، يصبح من الضروري إعادة تعريف أدوار المجتمع المدني ليضطلع بمسؤولياته كشريك حقيقي في وضع السياسات وتنفيذها.
إن تحقيق تنمية مستدامة يتطلب من المجتمع المدني تجاوز دوره التقليدي إلى المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار. ومع تزايد التحديات التنموية، تبقى قيم التطوع وروح المبادرة الجماعية السبيل الأمثل لتحقيق أهداف التنمية في المغرب.
وقد عزز مداخلته بإحصاءات ودراسات توضح الإمكانيات غير المستغلة للمجتمع المدني، مشددًا على وجوب انتقاله من دوره التقليدي في العمل الخيري إلى موقع أكثر تأثيراً في اتخاذ القرار على المستوى المحلي، بما يواكب تطلعات الجهوية المتقدمة.
الجهوية المتقدمة وقيم التطوع: تجربة الحركة الكشفية
من جانبه، سلط الأستاذ عزير الهيلالي، ابن منظمة الكشاف المغربي وعضو اللجنة التنفيذية لحزب ونائب رئيس جهة الرباط سلا القنيطرة، الضوء على الإرث العريق للحركة الكشفية في المغرب، والتي ساهمت في تكوين أجيال من الشباب الملتزمين بالعمل التطوعي.
وبيّن الهيلالي أن الجهوية المتقدمة شكلت تحولاً جوهرياً، حيث أصبحت كل جهة تتمتع باستقلالية أكبر في تدبير شؤونها. كما ناقش أهمية دعم الجمعيات ذات المنفعة العامة وإعادة النظر في الإطار القانوني الخاص بها لتسهيل عملها وتعزيز دورها التنموي.
وقد استعرض الأستاذ عزيز الهيلالي، المكاسب الدستورية و القانونية لنظام الجهوية المتقدمة مند دستور 2011 من خلال التنصيص على مبدأ سلطة التدبير الحر في تسيير الجهة انطلاقا من سلطة التداول بكيفية ديمقراطية إلى سلطة تنفيذ مداولاتها و مقرراتها و هي نقلة نوعية أسست لعهد جديد في مفهوم الجهوية ببلادنا.
و كذلك أكد على صدارة الجهة في إعداد المخططات و البرامج مع مراعاة الإختصاصات الذاتية للجماعات الترابية ،ثم أخيرا سبل ممارسة الجهة لاختصاصاتها الذاتية و المشتركة بينها و بين الدولة و المنقولة إليها من طرف الدولة ، و ذلك بغاية تحقيق التنمية الجهوية عبر إعداد و تتبع تنفيذ برنامج التنمية الجهوية و إعداد و تتبع إنجاز التصميم الجهوي لإعداد التراب ...
و استعرض السيد هيلالي من جانبه، أهمية الآليات التشاركية للحوار و التشاور على مستوى مجالس الجهات مع ممثلي المجتمع المدني لتسهيل مساهمة هذه الأخيرة في تقديم اقتراحات و توصيات تدخل في إطار إعداد برامج التنمية الجهوية ، و كذلك شروط و كيفية إيداع العرائض من قبل الجمعيات، و هو مجال في غاية الأهمية إلا أن الممارسة العملية أظهرت محدوديته بسبب عدم إدراك بعض أطرافه للأدوار التي أراد المشرع استثمارها بما يفي بالتكامل المنشود بين المنتخب و الفاعل المدني ..
و في ما يخص مجال تكافؤ الفرص و الولوج إلى التمويل العمومي، أشار السيد هيلالي إلى اقتصار هذا الأمر فقط على الجمعيات ذات المنفعة العامة و التي لا تتجاوز 244 جمعية على المستوى الوطني في حين أن عدد ما تبقى من الجمعيات يصل إلى ما يزيد عن 268 ألف جمعية و هو أمر غير منصف أمام الحركية و الفعالية التي تميز الفاعل الجمعوي ببلادنا و فيه كثير من الحيف اتجاه باقي الجمعيات الأخرى و التي تحتاج بشكل دائم للدعم العمومي لتحقيق أهدافها و إنجاح برامجها الثقافية و الفنية و التربوية و التنموية المفتوحة أمام عموم المواطنات و المواطنين و بالمجان ...
و في ختام مداخلته قدم السيد عزيز هيلالي مجموعة من الاقتراحات و التوصيات تهم أساسا :
- ضرورة مراجعة قانون تأسيس الجمعيات لما من شأنه دعم المكاسب و التراكمات الإيجابية لمقتضيات ظهير الحريات العامة لسنة 1958 كما تم تعديله ،مع تحيينه بمقتضيات جديدة تساير التطور الكبير الذي عرفه العمل المدني بالمغرب مند ما يزيد على ستين سنة و التغيرات التي يشهدها المجتمع المغربي بشكل مستمر و خاصة لذى الشباب .
- الرفع من الميزانية التي تخصصها كافة الجماعات الترابية لدعم العمل الجمعوي لتنشيط الحركية الثقافية و الإجتماعية و الرياضية و التنموية..
- رفع مقتضى وجوب توفر الجمعيات على شرط المنفعة العامة للاستفادة من الدعم المالي من مجالس الجهات ..
- تطوير مفهوم الديمقراطية التشاركية بما يضمن انخراطا أوسع للمجتمع المدني و فعالية أكبر في التأثير على القرار المتعلق خاصة بالتنمية المحلية و الجهوية المندمجة..
- تعزيز قنوات التواصل بين المجالس المنتخبة و الفاعلين الجمعويين حسب مجالات تخصصهم ..
- دعم الدينامية الجهوية في هذا المجال بالعالم القروي الذي يعرف نقصا و تهميشا كبيرين.
كما دعا إلى تصنيف الجمعيات وفق تخصصاتها (ثقافية، اجتماعية، رياضية) لضمان استهداف أكثر فاعلية للتمويل والدعم. كما شدد على ضرورة توجيه الموارد نحو البرامج الجادة التي تلبي احتياجات المجتمع، مشيراً إلى مسؤولية وزارة الثقافة في توفير الإمكانيات اللازمة لتحقيق أهداف الجمعيات، مع تبسيط الإجراءات الإدارية التي تعرقل عملها.
نحو شراكة فعّالة لتحقيق التنمية
بدوره، تناول الأستاذ عبد القادر الكيحل، أستاذ جامعي ومستشار برلماني ورئيس مجلس مقاطعة باب لمريسة، دور المجتمع المدني في إعداد برامج التنمية المحلية وتعزيز قدراته المؤسسية.
وأشار الكيحل إلى تجربة جماعة سلا التي نجحت في وضع برنامج عمل محلي يعتمد على مقاربة تشاركية شاملة. وأوضح أن الجماعات الترابية مطالبة بتجاوز أدوارها التقليدية لتصبح محركاً رئيسياً للتنمية.
كما لفت الانتباه إلى أهمية التهيئة، التتبع، والتقييم في إنجاح المشاريع التنموية، مؤكداً أن العمل التطوعي يجب أن ينبع من إيمان عميق بقيمة الخدمة العامة، وليس فقط كوسيلة لتحقيق مكاسب شخصية.
وفي سياق مداخلته، تطرق إلى ضرورة تبني مقاربة النوع والعمل مع الفئات الهشة، مشدداً على تعزيز الآليات التشاركية بين المؤسسات والجمعيات لضمان التنفيذ الأمثل للبرامج التنموية.
رؤية جديدة للعمل المدني
أكدت الندوة أن قيم التطوع والعمل المدني تمثل جوهر التنمية المستدامة، وأن الحركة الكشفية تعد نموذجاً يحتذى به في تعزيز هذه القيم. ومع تطبيق الجهوية المتقدمة، يصبح من الضروري إعادة تعريف أدوار المجتمع المدني ليضطلع بمسؤولياته كشريك حقيقي في وضع السياسات وتنفيذها.
إن تحقيق تنمية مستدامة يتطلب من المجتمع المدني تجاوز دوره التقليدي إلى المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار. ومع تزايد التحديات التنموية، تبقى قيم التطوع وروح المبادرة الجماعية السبيل الأمثل لتحقيق أهداف التنمية في المغرب.