وفي كلمة له خلال ندوة وطنية تحت عنوان "الالتزام المواطن والمساهمة في تدبير الشأن العام ومكافحة الفساد"، التي نظمتها الهيئة بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أوضح الراشدي أن هذا التراجع في الثقة يتطلب الوقوف عنده وتحليله، معتبرًا أن استعادة الثقة في المؤسسات ضرورة لتعزيز دور المواطنين في إنجاح الأوراش المجتمعية.
وأشار الراشدي إلى إطلاق الهيئة دراسة "باروميتر الثقة" التي ستكشف نتائجها في النصف الأول من هذه السنة، والتي ستُحدث بشكل دوري كل سنتين. ولفت إلى أن النتائج الأولية كشفت أن الشباب يُعدون الفئة الأقل ثقة في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ويعزون ذلك إلى ضعف الجدية في مكافحة الفساد من قبل السياسات العمومية، وهو ما يعزز من مشاعر الإحباط ويعيق مشاركتهم الفعالة في عملية التغيير.
وفي هذا السياق، أكد الراشدي أن ما يقارب نصف المغاربة يعتقدون في قدرة المواطنين على التأثير في مكافحة الفساد، مما يدل على استعدادهم للانخراط في هذه العملية إما بالمشاركة الفعلية أو من خلال الضغط على السلطات من أجل بذل جهود أكبر. وقال الراشدي إن هذا التوجه يستدعي تعزيز بيئة ملائمة لإعادة الثقة في المؤسسات عبر تفعيل دور المواطنين في العمل على إنجاح السياسات التنموية التي تهمهم.
وأوضح الراشدي أن البيئة الملائمة لتعزيز الالتزام المواطن تتطلب وجود عنصرين أساسيين، الأول هو مشهد سياسي يعتمد على التنافس النزيه بين الأحزاب السياسية، مما يؤدي إلى إفراز مؤسسات تمثيلية قوية قادرة على تفعيل البرامج التنموية التي تعهدت بها أمام المواطنين. وأشار إلى أن هذه البرامج يجب أن تلامس حاجيات المواطنين وتطلعاتهم المشروعة لضمان ازدهار المجتمع.
أما العنصر الثاني فهو ضرورة وجود مواطنين واعين بدورهم في بناء المجتمع. وأكد أن تعزيز الالتزام المواطن يتطلب توعية الشباب بأهمية دورهم في مكافحة الفساد والمساهمة في بناء مجتمع متماسك ومستقر. وأضاف الراشدي أن دور الهيئة في تفعيل هذه العملية يتمثل في استنهاض الوعي الوطني وجعل مكافحة الفساد محط اهتمام الجميع.
وشدد الراشدي على أن تحقيق مشهد سياسي نزيه لا يمكن أن يتحقق دون تخليق الممارسة السياسية في مختلف جوانبها ومراحلها، بحيث يتم تجنب الفساد السياسي والانتخابي. كما أكد أن الهيئة تسعى إلى العمل على هذه القضايا ضمن إطار تكاملي مع المجتمع المدني لتطوير السياسات العمومية وتعزيز الشفافية والمحاسبة.
وأكد الراشدي أن الهيئة تعمل حاليًا على وضع اللمسات الأخيرة لاستراتيجية شاملة للتواصل والتوعية لتعزيز التفاعل بين الهيئة والمواطنين وتعبئتهم في مواجهة الفساد. ولفت إلى أن الهيئة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يتعاونان بشكل وثيق من أجل تعزيز مشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات وتنفيذ السياسات العامة.
وأختتم الراشدي بالإشارة إلى أن استعادة الثقة في المؤسسات يتطلب بيئة تتسم بالنزاهة والشفافية في التدبير العمومي، كما أن محاربة الفساد تظل قضية حيوية في تحقيق تنمية مستدامة تضمن للمواطنين الازدهار والعيش الكريم.