وسيطٌ غارق حتى العنق في النزاع
من الصعب، إن لم نقل من المستحيل، تقبل فكرة أن الجزائر مستعدة للعب دور الوسيط، وهي الطرف الأكثر تورطاً في هذا النزاع منذ ما يقارب خمسة عقود. فقد كشفت تقارير رسمية أن الجزائر أنفقت ما يفوق 555 مليار دولار دعماً للبوليساريو منذ سنة 1975، من خزائن الدولة ومن الصناديق السوداء الموجهة حصراً لمعاكسة المغرب في وحدته الترابية وتشويه صورته إقليمياً ودولياً.
فكيف لبلدٍ استثمر ثروته النفطية والغازية في تغذية الانفصال وتسليح المرتزقة وتمويل دعايتهم، أن يقترح نفسه وسيطاً “محايداً”؟ بل كيف يعِدُ بالوساطة من يصرّح رئيسه، عبد المجيد تبون، دون مواربة، بأن “الصحراء كلّفت الجزائر مال قارون”، وأن خلافها مع المغرب ليس قابلاً للطي؟
تعريف الوساطة في الأعراف الدولية واضح:
يجب أن تكون الجهة الوسيطة محايدة، مستقلة، غير متورطة، وغير مستفيدة من النزاع. والجزائر، بحكم الواقع والتاريخ والتصريحات الرسمية، طرف رئيسي في النزاع وليس مجرّد جارٍ “متأثر” كما يدّعي وزير خارجيتها.
ففي الوقت الذي تمتنع الجزائر عن حضور الموائد المستديرة التي دعا إليها مجلس الأمن، وتواصل إيواء الكيان الانفصالي على أراضيها وتمويله سياسياً وإعلامياً وعسكرياً، تريد اليوم أن ترتدي عباءة “الحَكَم” بينما هي في الحقيقة الخصم المباشر.
والمعادلة البديهية تقول:
لا يمكن للخصم أن يكون هو الحكم.
صدر القرار الأممي 2797 في 31 أكتوبر 2025، واعتمد الحكم الذاتي الموسع تحت السيادة المغربية باعتباره الحل الأمثل والوحيد القابل للتطبيق، داعياً إلى التفاوض على هذا الأساس. وهو بذلك أسقط أوهام “الاستفتاء” و“تقرير المصير” التي روّج لها النظام الجزائري لعقود.
وبدلاً من الانخراط في حل واقعي، لجأت الجزائر إلى المناورة، محاولة تقديم نفسها كوسيط، في محاولة لاستعادة دور دبلوماسي أرهقته الهزائم المتتالية على الساحة الدولية.
ماذا لو كانت الجزائر صادقة فعلاً؟
لو كانت الجزائر راغبة حقاً في دعم السلام، لكانت:
شاركت في الحوار المباشر باعتبارها الطرف الحقيقي.
شجّعت قيادات البوليساريو على العودة إلى المغرب والانخراط في مشروع الحكم الذاتي، وهو ما دعا إليه الملك محمد السادس في خطابه التاريخي يوم 31 أكتوبر 2025، مؤكداً استعداد المغرب لاستقبال جميع أبنائه.
أغلقت مكاتب الانفصال بما فيها المكتب المسمى بـ"جمهورية الريف" في الجزائر العاصمة.
استجابت لليد البيضاء التي مدّها المغرب مراراً لطي صفحة الخلاف وتأسيس مرحلة جديدة من الثقة وحسن الجوار.
لكن شيئاً من هذا لم يحدث، بل تستمر الجزائر في رفضها القاطع للحوار، رغم الدعوة الملكية الواضحة والصادقة إلى “حوار أخوي صادق بين المغرب والجزائر”.
ويرى مراقبون للشأن المغاربي أن ما سمّته الجزائر “وساطة” ليس سوى تعبير عن ارتباك دبلوماسي عميق، خصوصاً بعد توالي الهزائم السياسية التي منيت بها في ملف الصحراء المغربية.
فالنظام الجزائري يعيش أزمة داخلية خانقة، ويبحث عن إعادة التموضع الخارجي بتصريحات استعراضية لا تغيّر شيئاً من الحقائق الثابتة.
إن محاولتها الظهور كوسيط ليست سوى محاولة بائسة لإخفاء ضلوعها البنيوي في خلق النزاع وتأجيجه وتمويله واستثماره لإطالة عمره.
المغرب اليوم في موقع قوة:
قرارات أممية داعمة، اعترافات دولية واسعة بمغربية الصحراء، مشروع حكم ذاتي واقعي ومتقدم، واستقرار سياسي واقتصادي يزداد رسوخاً.
ومع ذلك، يمدّ اليد إلى الجزائر، في تعبير عن نضج الدولة المغربية ورغبتها في بناء مغرب عربي متكامل ومزدهر. لكن اليد المغربية لا تجد اليوم إلا الجفاء والإنكار.
خلاصة القول
إن حديث الجزائر عن الوساطة ليس سوى ورقة سياسية محروقة، ومحاولة للظهور بوجه لا يعكس حقيقة ممارساتها. فالوساطة ليست خطاباً، بل التزاماً، والحياد ليس ادّعاءً، بل سلوكاً ثابتاً.
وإلى أن تدرك الجزائر أن زمن المناورات قد انتهى، سيظل المغرب متمسكاً بمبادئه، وواثقاً من مشروعية قضيته، وماضياً بثبات نحو حل نهائي للنزاع، مبني على الحكم الذاتي تحت سيادته الكاملة…
لأن الحقيقة تبقى حقيقة، مهما حاولت الدعاية تضليل العقول.
فكيف لبلدٍ استثمر ثروته النفطية والغازية في تغذية الانفصال وتسليح المرتزقة وتمويل دعايتهم، أن يقترح نفسه وسيطاً “محايداً”؟ بل كيف يعِدُ بالوساطة من يصرّح رئيسه، عبد المجيد تبون، دون مواربة، بأن “الصحراء كلّفت الجزائر مال قارون”، وأن خلافها مع المغرب ليس قابلاً للطي؟
تعريف الوساطة في الأعراف الدولية واضح:
يجب أن تكون الجهة الوسيطة محايدة، مستقلة، غير متورطة، وغير مستفيدة من النزاع. والجزائر، بحكم الواقع والتاريخ والتصريحات الرسمية، طرف رئيسي في النزاع وليس مجرّد جارٍ “متأثر” كما يدّعي وزير خارجيتها.
ففي الوقت الذي تمتنع الجزائر عن حضور الموائد المستديرة التي دعا إليها مجلس الأمن، وتواصل إيواء الكيان الانفصالي على أراضيها وتمويله سياسياً وإعلامياً وعسكرياً، تريد اليوم أن ترتدي عباءة “الحَكَم” بينما هي في الحقيقة الخصم المباشر.
والمعادلة البديهية تقول:
لا يمكن للخصم أن يكون هو الحكم.
صدر القرار الأممي 2797 في 31 أكتوبر 2025، واعتمد الحكم الذاتي الموسع تحت السيادة المغربية باعتباره الحل الأمثل والوحيد القابل للتطبيق، داعياً إلى التفاوض على هذا الأساس. وهو بذلك أسقط أوهام “الاستفتاء” و“تقرير المصير” التي روّج لها النظام الجزائري لعقود.
وبدلاً من الانخراط في حل واقعي، لجأت الجزائر إلى المناورة، محاولة تقديم نفسها كوسيط، في محاولة لاستعادة دور دبلوماسي أرهقته الهزائم المتتالية على الساحة الدولية.
ماذا لو كانت الجزائر صادقة فعلاً؟
لو كانت الجزائر راغبة حقاً في دعم السلام، لكانت:
شاركت في الحوار المباشر باعتبارها الطرف الحقيقي.
شجّعت قيادات البوليساريو على العودة إلى المغرب والانخراط في مشروع الحكم الذاتي، وهو ما دعا إليه الملك محمد السادس في خطابه التاريخي يوم 31 أكتوبر 2025، مؤكداً استعداد المغرب لاستقبال جميع أبنائه.
أغلقت مكاتب الانفصال بما فيها المكتب المسمى بـ"جمهورية الريف" في الجزائر العاصمة.
استجابت لليد البيضاء التي مدّها المغرب مراراً لطي صفحة الخلاف وتأسيس مرحلة جديدة من الثقة وحسن الجوار.
لكن شيئاً من هذا لم يحدث، بل تستمر الجزائر في رفضها القاطع للحوار، رغم الدعوة الملكية الواضحة والصادقة إلى “حوار أخوي صادق بين المغرب والجزائر”.
ويرى مراقبون للشأن المغاربي أن ما سمّته الجزائر “وساطة” ليس سوى تعبير عن ارتباك دبلوماسي عميق، خصوصاً بعد توالي الهزائم السياسية التي منيت بها في ملف الصحراء المغربية.
فالنظام الجزائري يعيش أزمة داخلية خانقة، ويبحث عن إعادة التموضع الخارجي بتصريحات استعراضية لا تغيّر شيئاً من الحقائق الثابتة.
إن محاولتها الظهور كوسيط ليست سوى محاولة بائسة لإخفاء ضلوعها البنيوي في خلق النزاع وتأجيجه وتمويله واستثماره لإطالة عمره.
المغرب اليوم في موقع قوة:
قرارات أممية داعمة، اعترافات دولية واسعة بمغربية الصحراء، مشروع حكم ذاتي واقعي ومتقدم، واستقرار سياسي واقتصادي يزداد رسوخاً.
ومع ذلك، يمدّ اليد إلى الجزائر، في تعبير عن نضج الدولة المغربية ورغبتها في بناء مغرب عربي متكامل ومزدهر. لكن اليد المغربية لا تجد اليوم إلا الجفاء والإنكار.
خلاصة القول
إن حديث الجزائر عن الوساطة ليس سوى ورقة سياسية محروقة، ومحاولة للظهور بوجه لا يعكس حقيقة ممارساتها. فالوساطة ليست خطاباً، بل التزاماً، والحياد ليس ادّعاءً، بل سلوكاً ثابتاً.
وإلى أن تدرك الجزائر أن زمن المناورات قد انتهى، سيظل المغرب متمسكاً بمبادئه، وواثقاً من مشروعية قضيته، وماضياً بثبات نحو حل نهائي للنزاع، مبني على الحكم الذاتي تحت سيادته الكاملة…
لأن الحقيقة تبقى حقيقة، مهما حاولت الدعاية تضليل العقول.
الرئيسية























































