أين هو السلم المتحرك للمعاشات؟
ففي مقابل هذه الموارد الضخمة، وما يُرصد من أموال وإمكانيات هائلة لصناعة كرة القدم، تجد فئة المتقاعدين من الطبقتين الدنيا والمتوسطة نفسها مقصاة كـ«جدار قصير» من أي إنصاف حقيقي ضمن بنود قانون المالية لسنة 2026. إقصاء يتم تبريره مرة أخرى بذريعة «إصلاح صناديق التقاعد»، وهو إصلاح يبدو، في نظر كثيرين، أقرب إلى تأجيل الحلول وربط مصير المتقاعد بانتظار نهاية العمر بدل ضمان كرامته.
وإذا كانت دول عديدة، تحترم مواطنيها، تعتمد أنظمة مالية مرنة تُمكّن من الرفع من المعاشات كلما ارتفعت كلفة المعيشة أو تفاقمت أزمات التضخم، فإن الحكومة المغربية، للأسف، اختارت إدارة ظهرها لأزمة حقيقية تعصف بآلاف المتقاعدين. ففي الوقت الذي حظيت فيه فئة محدودة من أصحاب المعاشات المرتفعة بتخفيضات ضريبية وفرت لهم مداخيل شهرية إضافية مهمة، تُركت الغالبية الساحقة من المتقاعدين تكافح الغلاء دون أي آلية تعويضية منصفة.
هذا السؤال لم يعد ترفًا فكريًا، بل مطلبًا اجتماعيًا ملحًا. فقد سبق للشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين أن طالبت بتبني نظام السلم المتحرك للمعاشات لمواكبة الارتفاع المستمر في الأسعار، ودعت إلى زيادة المعاشات بما لا يقل عن 2000 درهم لتعزيز القدرة الشرائية. غير أن هذه المطالب قوبلت بتجاهل رسمي، مقابل الاكتفاء بإعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل، وهو قرار وصفته الشبكة بأنه «خدعة واضحة والتفاف ممنهج»، خاصة وأن أكثر من 90 في المئة من المعاشات أصلًا لا تخضع للضريبة.
كما طالبت الهيئات التمثيلية للمتقاعدين برفع المعاشات لتوازي على الأقل الحد الأدنى للأجور، ومراجعة القوانين التي تمنع تحيين المعاشات تزامنًا مع زيادات أجور الموظفين، إضافة إلى تمكين الأرامل من الاستفادة الكاملة من معاش الزوج، وتحسين التعويضات عن العلاج والتغطية الصحية لتصل إلى 100 في المئة.
ولم تتوقف المطالب عند الجانب المادي فقط، بل شملت أيضًا ضرورة تمثيلية المتقاعدين داخل المجالس الإدارية لصناديق التقاعد، ومنحهم امتيازات اجتماعية في مجالات النقل والسفر والترفيه والسكن بنسبة لا تقل عن 50 في المئة، إلى جانب تنفيذ الاتفاقيات السابقة، وعلى رأسها اتفاق 26 أبريل 2011، وتسوية الملفات العالقة منذ سنوات طويلة.
إن المتقاعد ليس رقمًا في ميزانية، ولا عبئًا على المالية العمومية، بل هو رصيد خبرة وتجربة وعطاء. فالتقاعد، كما تقول الحكم، «ليس نهاية المطاف، بل بداية فصل جديد من العطاء». والمتقاعدون قادرون على الإسهام في العمل الثقافي والفكري والتطوعي، متى توفرت لهم شروط العيش الكريم والاحترام.
ومن المنظور الديني، يشكل الاعتناء بالمتقاعدين وكبار السن عملًا صالحًا، وتجسيدًا لقيم البر والتكافل. أما من المنظور المجتمعي، فإن مستوى العناية بالمتقاعدين يعكس درجة رقي المجتمع ووعيه بعدالة توزيع ثماره.
إن استمرار تهميش المتقاعدين لأكثر من عشرين سنة مالية، دون حلول جذرية، يطرح مسؤولية أخلاقية وسياسية جسيمة. فكرامة الإنسان لا تتجزأ، والعدالة الاجتماعية لا تكتمل إذا أُقصيت الفئات التي أفنت عمرها في خدمة الوطن.
وحدها سياسات شجاعة، تعترف بحقوق المتقاعدين وتضمن لهم معاشًا عادلًا وحياة كريمة، قادرة على ترميم الثقة، وبناء مجتمع متوازن لا يترك أبناءه في آخر الطريق.
وإذا كانت دول عديدة، تحترم مواطنيها، تعتمد أنظمة مالية مرنة تُمكّن من الرفع من المعاشات كلما ارتفعت كلفة المعيشة أو تفاقمت أزمات التضخم، فإن الحكومة المغربية، للأسف، اختارت إدارة ظهرها لأزمة حقيقية تعصف بآلاف المتقاعدين. ففي الوقت الذي حظيت فيه فئة محدودة من أصحاب المعاشات المرتفعة بتخفيضات ضريبية وفرت لهم مداخيل شهرية إضافية مهمة، تُركت الغالبية الساحقة من المتقاعدين تكافح الغلاء دون أي آلية تعويضية منصفة.
هذا السؤال لم يعد ترفًا فكريًا، بل مطلبًا اجتماعيًا ملحًا. فقد سبق للشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين أن طالبت بتبني نظام السلم المتحرك للمعاشات لمواكبة الارتفاع المستمر في الأسعار، ودعت إلى زيادة المعاشات بما لا يقل عن 2000 درهم لتعزيز القدرة الشرائية. غير أن هذه المطالب قوبلت بتجاهل رسمي، مقابل الاكتفاء بإعفاء المعاشات من الضريبة على الدخل، وهو قرار وصفته الشبكة بأنه «خدعة واضحة والتفاف ممنهج»، خاصة وأن أكثر من 90 في المئة من المعاشات أصلًا لا تخضع للضريبة.
كما طالبت الهيئات التمثيلية للمتقاعدين برفع المعاشات لتوازي على الأقل الحد الأدنى للأجور، ومراجعة القوانين التي تمنع تحيين المعاشات تزامنًا مع زيادات أجور الموظفين، إضافة إلى تمكين الأرامل من الاستفادة الكاملة من معاش الزوج، وتحسين التعويضات عن العلاج والتغطية الصحية لتصل إلى 100 في المئة.
ولم تتوقف المطالب عند الجانب المادي فقط، بل شملت أيضًا ضرورة تمثيلية المتقاعدين داخل المجالس الإدارية لصناديق التقاعد، ومنحهم امتيازات اجتماعية في مجالات النقل والسفر والترفيه والسكن بنسبة لا تقل عن 50 في المئة، إلى جانب تنفيذ الاتفاقيات السابقة، وعلى رأسها اتفاق 26 أبريل 2011، وتسوية الملفات العالقة منذ سنوات طويلة.
إن المتقاعد ليس رقمًا في ميزانية، ولا عبئًا على المالية العمومية، بل هو رصيد خبرة وتجربة وعطاء. فالتقاعد، كما تقول الحكم، «ليس نهاية المطاف، بل بداية فصل جديد من العطاء». والمتقاعدون قادرون على الإسهام في العمل الثقافي والفكري والتطوعي، متى توفرت لهم شروط العيش الكريم والاحترام.
ومن المنظور الديني، يشكل الاعتناء بالمتقاعدين وكبار السن عملًا صالحًا، وتجسيدًا لقيم البر والتكافل. أما من المنظور المجتمعي، فإن مستوى العناية بالمتقاعدين يعكس درجة رقي المجتمع ووعيه بعدالة توزيع ثماره.
إن استمرار تهميش المتقاعدين لأكثر من عشرين سنة مالية، دون حلول جذرية، يطرح مسؤولية أخلاقية وسياسية جسيمة. فكرامة الإنسان لا تتجزأ، والعدالة الاجتماعية لا تكتمل إذا أُقصيت الفئات التي أفنت عمرها في خدمة الوطن.
وحدها سياسات شجاعة، تعترف بحقوق المتقاعدين وتضمن لهم معاشًا عادلًا وحياة كريمة، قادرة على ترميم الثقة، وبناء مجتمع متوازن لا يترك أبناءه في آخر الطريق.
الرئيسية























































