الرئيسية
وأوضح التهراوي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أن الوزارة فتحت 543 منصباً لفائدة الأطباء الاختصاصيين، تمكنت من تعيين 480 منهم فعلياً، موزعين على ما لا يقل عن 76 إقليماً، بما يضمن توفر طبيب اختصاصي واحد على الأقل في كل إقليم. واعتبر أن هذا الرقم يعكس مجهوداً غير مسبوق لتقليص الفوارق الترابية وتعزيز حضور التخصصات الطبية خارج المراكز الحضرية الكبرى.
وبخصوص آليات التوزيع، أشار الوزير إلى أن العملية تمت وفق تصور استراتيجي يقوم على ثلاثة محاور متكاملة، حيث جرى تخصيص 42 في المئة من المناصب لدعم المستشفيات التي تعاني خصاصاً حاداً أو لمواكبة افتتاح مؤسسات صحية جديدة، فيما وجهت 41 في المئة لتغطية التخصصات المرتبطة بالحراسة والخدمة الإلزامية، بينما خصصت نسبة 17 في المئة لتعويض الأطر الطبية التي غادرت مناصبها بشكل مؤقت أو نهائي، حفاظاً على استمرارية الخدمات.
وعلى مستوى التوزيع الجهوي، كشف التهراوي أن جهة بني ملال–خنيفرة حظيت بحصة وازنة بلغت 12 في المئة من مجموع المناصب، أي ما يعادل 66 طبيباً اختصاصياً، في حين تصدر إقليم تطوان قائمة الأقاليم المستفيدة بـ25 منصباً، يليه إقليم الفقيه بن صالح بـ21 منصباً، ثم إقليما أزيلال وبني ملال بـ18 منصباً لكل واحد منهما. واعتبر الوزير أن هذه المعطيات تعكس توجهاً واضحاً نحو إنصاف المجالات التي تعاني ضغطاً متزايداً على خدماتها الصحية.
وفي السياق ذاته، أبرز المسؤول الحكومي أن 171 منصباً، أي ما يعادل 33 في المئة من مجموع التعيينات، خصصت لمستشفيات كانت تفتقر إلى تخصصات أساسية، وهو ما أتاح تعزيز 74 مستشفى بتخصص طبي واحد على الأقل لم يكن متوفراً من قبل. وشمل هذا الدعم تخصصات دقيقة مثل التخدير والإنعاش في دمنات وميدلت، والجراحة العامة في مستشفيي عائشة بآسفي وآيت أورير بالحوز، إضافة إلى طب الأطفال وأمراض النساء والتوليد في مدن سيدي سليمان وإمنتانوت وجرسيف وآسفي.
وأكد التهراوي أن هذه الإجراءات تندرج ضمن مسار إصلاحي أوسع انطلق منذ سنة 2021، هدفه تجاوز اختلالات هيكلية راكمها القطاع الصحي لعقود. وأوضح أن الوزارة أطلقت برامج استثمارية غير مسبوقة شملت بناء 21 مستشفى جديداً بطاقة استيعابية إضافية تصل إلى 2433 سريراً، إلى جانب برمجة 24 مشروعاً استشفائياً خلال سنتي 2025 و2026، مع إعادة تأهيل أكثر من 1400 مركز صحي للقرب بمختلف جهات المملكة.
وعلى مستوى الموارد البشرية، أعلن الوزير عن نقلة نوعية في مجال التكوين، من خلال إحداث أربع كليات جديدة للطب والصيدلة، ليرتفع العدد الإجمالي إلى تسع كليات، مع مضاعفة الطاقة الاستيعابية تقريباً من 2700 طالب سنة 2021 إلى 6500 طالب سنة 2025. كما جرى رفع عدد مقاعد معاهد تكوين الممرضين إلى 9500 مقعد، ما انعكس على تطور عدد الأطر الصحية من حوالي 45 ألف إطار سنة 2019 إلى أكثر من 59 ألفاً سنة 2025، مع تسجيل ارتفاع يفوق 50 في المئة في عدد الممرضين وتقنيي الصحة.
وشدد التهراوي على أن تحسين ظروف اشتغال الأطر الصحية يشكل محوراً أساسياً في الإصلاح، مبرزاً الزيادات غير المسبوقة في الأجور التي تراوحت بين 12 و58 في المئة، إلى جانب رفع تعويضات الأخطار المهنية واعتماد آليات جديدة للمراقبة وضمان الحضور الفعلي وجودة الأداء. كما أشار إلى إطلاق مخطط استعجالي يهم تأهيل مصالح المستعجلات، وتعزيز مخزون الأدوية، وهيكلة خدمات الإسعاف، وتطوير منصة رقمية لتلقي شكايات المواطنين وتتبع وفيات الأمهات.
وأضاف الوزير أن هذه الدينامية الإصلاحية ساهمت في تقليص تنقل المرضى نحو المدن الكبرى وتخفيف الضغط عن المستشفيات الجامعية، مع تجهيز أكثر من 100 وحدة طبية متنقلة ومتصلة لتقريب الخدمات من المناطق القروية والنائية. وخلص إلى أن خريطة التعيينات الجديدة لا تمثل مجرد أرقام، بل تعكس توجهاً إصلاحياً يهدف إلى ربط المواطن بخدمات صحية متخصصة، قريبة ومتاحة، مؤكداً أن هذا الورش، رغم كونه طويل النفس، بدأت نتائجه الأولية تظهر ميدانياً
