غياب كل من الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عن القمة لا يُعد تفصيلاً بروتوكوليًا، بل يعكس هشاشة وحدة البريكس. فالتناقضات بين الأعضاء، ولا سيما الصراع غير المعلن بين الصين والهند، وتذبذب مواقف دول كالسعودية والإمارات، تفضح غياب أي انسجام سياسي أو استراتيجي داخل المجموعة. ما يوحّدهم ليس مشروعًا مشتركًا، بل شعور عابر بالتهميش أمام الغرب.
توسيع عضوية التكتل ليشمل دولًا ككوبا وبيلاروسيا وماليزيا لم يضف قوة أو توازنًا. على العكس، عمّق الفجوة بين الأعضاء وزاد من تعقيد اتخاذ القرار الجماعي. البريكس+، في صورتها الحالية، ليست تحالفًا متماسكًا، بل تجمّعًا فضفاضًا لدول متفاوتة في نظمها السياسية، واختياراتها الاقتصادية، وتحالفاتها الإقليمية.
أما الأرقام التي يتباهى بها قادة التكتل، مثل حصة 40٪ من الناتج العالمي وفق تعادل القوة الشرائية، فتبقى نسبًا جوفاء إذا لم تُترجم إلى تأثير فعلي. فالقوة الحقيقية لا تُقاس بالحجم فقط، بل بالقدرة على التحكم في أدوات التأثير العالمي: التكنولوجيا، التمويل، المؤسسات، والمعايير. وفي هذه الجوانب، لا يزال الغرب متفوقًا بفارق شاسع.
شعار "التعددية القطبية" الذي يتكرر في كل قمة، أصبح أقرب إلى تعبير إنشائي منه إلى مشروع فعلي. فلا توجد وثائق مرجعية، ولا اتفاقات ملموسة، ولا هياكل بديلة تُقدّم نموذجًا مختلفًا عن المؤسسات الغربية القائمة. الانتقاد وحده لا يصنع التغيير، والرفض المجرد لا يغني عن الحاجة إلى اقتراحات واقعية قابلة للتنفيذ.
الحديث المتكرر عن فك الارتباط بالدولار يبدو أقرب إلى خطاب دعائي منه إلى سياسة اقتصادية جدية. فلا توجد مؤشرات فعلية على تقدم نحو "عملة بديلة"، في ظل غياب الثقة في العملات المحلية، وعدم قابلية اليوان للتحويل الحر، واستمرار هيمنة الدولار على أكثر من 58٪ من المعاملات التجارية العالمية.
أما عن القضايا الكبرى التي يتطرق إليها التكتل، من الأمن الغذائي إلى محاربة الفقر والتحول الطاقي، فهي تُذكر باستمرار دون أن تقترن بمشاريع ملموسة أو تمويل حقيقي أو نتائج قابلة للقياس. منذ تأسيسه، لم ينجح البريكس في إحداث أي خرق ملموس على الساحة الدولية في هذه المجالات.
وفي وقت تكتفي فيه البريكس+ بإصدار بيانات ختامية، يمضي العالم في طريقه. الغرب يعيد ترتيب تحالفاته، ويعزز شبكاته الإنتاجية، ويستثمر في الاستقرار المؤسساتي. أما الدول الصاعدة، فهي تنجذب إلى مراكز النفوذ الحقيقي، لا إلى تكتلات رمزية تتأرجح بين الشعارات والارتجال.