وتعكس تصريحات الملك فيليبي موقفاً إسبانياً ثابتاً يدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي قدمها المغرب سنة 2007 واعتبرتها مدريد مرارًا الأساس الأكثر جدية وواقعية لحل النزاع. ويأتي هذا الدعم ضمن استراتيجية أوسع، تهدف إلى تعزيز الحلول السياسية المستدامة وضمان احترام سيادة المغرب على أراضيه الجنوبية، في وقت تتراجع فيه الأطروحات الانفصالية على المستوى الدولي وتفقد زخمها التدعيمي.
وقد ساهمت التحولات الدبلوماسية الإيجابية بين الرباط ومدريد، خصوصًا بعد زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى المغرب في مارس 2022، في تجاوز الأزمة الدبلوماسية السابقة وفتح مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي. وقد أرست هذه اللقاءات إطاراً عملياً لتعزيز الثقة المتبادلة، وإقامة شراكة قائمة على الشفافية والتنسيق المستمر في الملفات الإقليمية المشتركة، بما في ذلك التحديات الأمنية والتنموية.
ويبرز من خلال هذه الدينامية أن المغرب وإسبانيا يعتمدان على خارطة طريق واضحة لتدعيم العلاقات الثنائية، حيث ترتكز على توافق سياسي واستراتيجي يعزز الاستقرار في منطقة المتوسط ويضمن الحد من التوترات الإقليمية. كما أشار الملك الإسباني إلى أهمية العمل المشترك لتجاوز أي محاولات لتأجيج النزاعات، في إشارة واضحة إلى الأطراف التي لا تزال تروج لأطروحات الانفصال، وعلى رأسها جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
ويؤكد هذا الموقف الإسباني على أن الحلول السلمية القائمة على قرارات مجلس الأمن تمثل الخيار الوحيد المقبول، بما يتماشى مع التوجه الدولي الذي يعتبر الاستفتاء خياراً تجاوزته التطورات الواقعية على الأرض وغير متوافق مع المصالح الإقليمية والدولية. وتعكس هذه التوجهات التزام إسبانيا بدعم استقرار المغرب والأقاليم الجنوبية، مع احترام السيادة الوطنية والخصوصية التنموية التي تميز النموذج المغربي في معالجة قضايا الصحراء.
وتشكل هذه الدينامية السياسية إشارة واضحة إلى أن قضية الصحراء المغربية تقترب من أفق الحل النهائي، مدعومة بتضافر الجهود الدولية والتوافق الإقليمي. ويُظهر هذا التوجه كيف أن الالتزام بالدبلوماسية الواقعية، والمبنية على الحوار والتنسيق متعدد الأطراف، يمكن أن يرسخ الاستقرار ويحد من محاولات توسيع النزاعات الإقليمية. كما يعكس الدور المتزايد الذي تلعبه السياسة الإسبانية في دعم الحلول العملية، مقابل التراجع الملحوظ للأطروحات الانفصالية التي فقدت مقومات دعمها الدولي.
في النهاية، يظهر أن تعزيز الشراكة المغربية الإسبانية يتجاوز مجرد العلاقات الثنائية إلى تأثير ملموس على الاستقرار الإقليمي، ويؤكد على فعالية الدبلوماسية القائمة على حسن الجوار والالتزام المشترك بالقرارات الدولية. كما يبرهن على قدرة المغرب على الجمع بين نهج دبلوماسي رصين واستراتيجية تنموية قوية، تمكنه من فرض رؤيته السياسية وحماية مصالحه الوطنية، مع ضمان كرامة وسلامة ساكنة الأقاليم الجنوبية ضمن نموذج تنموي شامل ومستدام