عرفه طلاب المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط خلال تسعينيات القرن الماضي أستاذًا قديرًا لمادة تاريخ الصحافة المغربية. كان يُدرّس بعقل الباحث وروح المؤرخ، يُشعل في طلبته جذوة السؤال، ويكشف لهم عن التحولات التي عرفها المشهد الإعلامي المغربي قبل عهد الحماية وبعده، وعن دور الصحافة في تشكيل الرأي العام في فترات دقيقة من تاريخ الوطن.
مسار علمي وأكاديمي حافل
نال الأستاذ جامع بيضا دكتوراه السلك الثالث سنة 1982، ودكتوراه الدولة من جامعة بوردو بفرنسا سنة 1995، ليلتحق بعدها بالتدريس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. لم يكن مجرد أستاذ جامعي، بل كان مؤسسًا لمدارس فكرية في البحث التاريخي، إذ تولّى مناصب علمية عديدة، منها نائب رئيس شعبة التاريخ، ورئيس وحدة “المغرب الكبير”، ومنسق “مجموعة الأبحاث حول الدراسات المغربية اليهودية”. كما ساهم في تأسيس “الجمعية المغربية للبحث التاريخي”، وارتبط اسمه بعدد من الهيئات الوطنية والدولية، منها المجلس الدولي للأرشيف، واليونسكو، والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية.
ابن تزنيت الأمازيغية، ظلّ وفيًّا لجذوره المغربية الأصيلة، ومؤمنًا بدور التاريخ في بناء الهوية الوطنية الجامعة.
رجل المهمة الصعبة
حين تسلّم أرشيف المغرب سنة 2011، كانت المؤسسة في بداياتها الأولى، بلا مقر مؤهل ولا موارد بشرية كافية. لكن الرجل آمن بأن "الأرشيف هو ذاكرة الأمة"، فبدأ العمل من الصفر، واضعًا نصب عينيه هدف بناء مؤسسة وطنية تليق بتاريخ المغرب ومكانته.
بفضل حكمته وحزمه، استطاع في ظرف وجيز أن يُكوّن نواة صلبة من الكفاءات الشابة، وأن يرسم للمؤسسة استراتيجية واضحة، جعلتها اليوم نموذجًا يحتذى على المستويين العربي والإفريقي.
راهن على تكوين العنصر البشري، وأقام شراكات وطنية ودولية نوعية، واستعاد أرشيفات مغربية كانت مودعة في الخارج، مثل أرشيف الرابطة اليهودية العالمية، والأرشيفات الفرنسية، مما أضاف رصيدًا ثمينًا للباحثين في تاريخ المغرب.
منجزات رائدة وإشعاع متزايد
في عهده، انتقلت المؤسسة من “ولادة عسيرة” إلى “نضج مؤسسي”، وأصبحت من أبرز المؤسسات العمومية إشعاعًا وفاعلية.
أشرف على تنظيم معارض وثائقية وتاريخية مهمة، أبرزها معرض “البرلمان المغربي.. معالم الذاكرة”، ومعرض “حييم زفراني.. من أعلام النبوغ اليهودي المغربي”، ومعرض “طريق الوحدة.. طريق المواطنة”، إلى جانب الاحتفاء بذكرى حرب الريف، وغيرها من المبادرات التي ساهمت في ترسيخ ثقافة الأرشيف في الوعي الجمعي المغربي.
كما انخرط في شراكات تربوية وثقافية مبتكرة، منها التعاون مع وزارة التربية الوطنية تحت شعار: “تدبير الأرشيف والتربية على حفظه، تثمين للهوية وتقوية للذاكرة وتعزيز للمواطنة.”
اعتراف وطني ودولي
تقديرًا لمسيرته المتميزة، حاز البروفيسور جامع بيضا عدة جوائز وأوسمة رفيعة، من بينها وسام من وزارة الثقافة الفرنسية سنة 2015، وذِرع الجامعة العربية، والدكتوراه الفخرية من المدرسة العليا للأساتذة بليون، فضلًا عن عضويته في لجان استشارية لليونسكو والمجلس الدولي للأرشيف.
إرث خالد واستمرارية الرسالة
بعد أكثر من عقد من الزمن قضاها على رأس أرشيف المغرب، سلّم المشعل للسيدة لطيفة مفتقر، تاركًا وراءه مؤسسة متكاملة ورؤية إستراتيجية تمتد حتى سنة 2033، تهدف إلى تثمين الأرشيف الوطني وضمان استدامته.
رحيله عن المؤسسة لم يكن نهاية، بل تتويجًا لمسار مهني مشرق، سيظل حاضرًا في ذاكرة كل من عرفه واشتغل معه، وفي تاريخ الأرشيف المغربي الذي حمله في قلبه وعقله لعقود طويلة.
إن الأستاذ جامع بيضا ليس مجرد اسم في سجل التاريخ، بل هو ذاكرة تمشي على الأرض. هو الرجل الذي جعل من الأرشيف المغربي مشروعًا وطنيًا استراتيجيًا، ومن الذاكرة المغربية قضية وجود وهوية.
مسار علمي وأكاديمي حافل
نال الأستاذ جامع بيضا دكتوراه السلك الثالث سنة 1982، ودكتوراه الدولة من جامعة بوردو بفرنسا سنة 1995، ليلتحق بعدها بالتدريس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. لم يكن مجرد أستاذ جامعي، بل كان مؤسسًا لمدارس فكرية في البحث التاريخي، إذ تولّى مناصب علمية عديدة، منها نائب رئيس شعبة التاريخ، ورئيس وحدة “المغرب الكبير”، ومنسق “مجموعة الأبحاث حول الدراسات المغربية اليهودية”. كما ساهم في تأسيس “الجمعية المغربية للبحث التاريخي”، وارتبط اسمه بعدد من الهيئات الوطنية والدولية، منها المجلس الدولي للأرشيف، واليونسكو، والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية.
ابن تزنيت الأمازيغية، ظلّ وفيًّا لجذوره المغربية الأصيلة، ومؤمنًا بدور التاريخ في بناء الهوية الوطنية الجامعة.
رجل المهمة الصعبة
حين تسلّم أرشيف المغرب سنة 2011، كانت المؤسسة في بداياتها الأولى، بلا مقر مؤهل ولا موارد بشرية كافية. لكن الرجل آمن بأن "الأرشيف هو ذاكرة الأمة"، فبدأ العمل من الصفر، واضعًا نصب عينيه هدف بناء مؤسسة وطنية تليق بتاريخ المغرب ومكانته.
بفضل حكمته وحزمه، استطاع في ظرف وجيز أن يُكوّن نواة صلبة من الكفاءات الشابة، وأن يرسم للمؤسسة استراتيجية واضحة، جعلتها اليوم نموذجًا يحتذى على المستويين العربي والإفريقي.
راهن على تكوين العنصر البشري، وأقام شراكات وطنية ودولية نوعية، واستعاد أرشيفات مغربية كانت مودعة في الخارج، مثل أرشيف الرابطة اليهودية العالمية، والأرشيفات الفرنسية، مما أضاف رصيدًا ثمينًا للباحثين في تاريخ المغرب.
منجزات رائدة وإشعاع متزايد
في عهده، انتقلت المؤسسة من “ولادة عسيرة” إلى “نضج مؤسسي”، وأصبحت من أبرز المؤسسات العمومية إشعاعًا وفاعلية.
أشرف على تنظيم معارض وثائقية وتاريخية مهمة، أبرزها معرض “البرلمان المغربي.. معالم الذاكرة”، ومعرض “حييم زفراني.. من أعلام النبوغ اليهودي المغربي”، ومعرض “طريق الوحدة.. طريق المواطنة”، إلى جانب الاحتفاء بذكرى حرب الريف، وغيرها من المبادرات التي ساهمت في ترسيخ ثقافة الأرشيف في الوعي الجمعي المغربي.
كما انخرط في شراكات تربوية وثقافية مبتكرة، منها التعاون مع وزارة التربية الوطنية تحت شعار: “تدبير الأرشيف والتربية على حفظه، تثمين للهوية وتقوية للذاكرة وتعزيز للمواطنة.”
اعتراف وطني ودولي
تقديرًا لمسيرته المتميزة، حاز البروفيسور جامع بيضا عدة جوائز وأوسمة رفيعة، من بينها وسام من وزارة الثقافة الفرنسية سنة 2015، وذِرع الجامعة العربية، والدكتوراه الفخرية من المدرسة العليا للأساتذة بليون، فضلًا عن عضويته في لجان استشارية لليونسكو والمجلس الدولي للأرشيف.
إرث خالد واستمرارية الرسالة
بعد أكثر من عقد من الزمن قضاها على رأس أرشيف المغرب، سلّم المشعل للسيدة لطيفة مفتقر، تاركًا وراءه مؤسسة متكاملة ورؤية إستراتيجية تمتد حتى سنة 2033، تهدف إلى تثمين الأرشيف الوطني وضمان استدامته.
رحيله عن المؤسسة لم يكن نهاية، بل تتويجًا لمسار مهني مشرق، سيظل حاضرًا في ذاكرة كل من عرفه واشتغل معه، وفي تاريخ الأرشيف المغربي الذي حمله في قلبه وعقله لعقود طويلة.
إن الأستاذ جامع بيضا ليس مجرد اسم في سجل التاريخ، بل هو ذاكرة تمشي على الأرض. هو الرجل الذي جعل من الأرشيف المغربي مشروعًا وطنيًا استراتيجيًا، ومن الذاكرة المغربية قضية وجود وهوية.
لقد غادر المؤسسة من بابها الواسع، لكنه ترك فيها روحه وذكراه، وسيبقى اسمه مقرونًا بما أنجزه من أعمال جليلة خدمة للوطن والإنسان والتاريخ.
الرئيسية























































