الوزير أوضح خلال جلسة مساءلة برلمانية أن مبلغ 500 مليون درهم خُصص لهذا البرنامج، مع إمكانية رفع هذا التمويل من خلال مساهمة الجهات. كما أشار إلى إجراءات موازية، من بينها رفع قيمة الدعم المقدم لكل مستفيد من 4 آلاف درهم إلى 5 آلاف، وتقليص مدة التكوين، في محاولة لجعل البرنامج أكثر مرونة.
رغم ذلك، فإن توسيع التدرج المهني يثير أسئلة جوهرية حول طبيعة هذا النمط من التكوين، ومدى فعاليته في إدماج الشباب داخل سوق عمل يعاني أصلًا من اختلالات هيكلية، أبرزها محدودية مناصب الشغل، وتفشي العمل غير المهيكل، وغياب التكافؤ بين العرض التكويني وحاجيات المقاولات.
في ذات السياق، بيّن السكوري أن نسبة الفئة العاملة بدون أي شهادة تراجعت من 68 في المئة سنة 2013 إلى 43 في المئة حاليًا. لكن رغم هذا الانخفاض، فإن هذا المعطى لا يخفي حقيقة استمرار هذه الفئة في تكوين شريحة واسعة من سوق الشغل، وهو ما يسلط الضوء على غياب فرص التأهيل طيلة عقود.
تصريحات الوزير تضمنت إقرارًا بتعثر التكوين المستمر، الذي اعتبره أداة ضرورية لإدماج من لا يتوفرون على تأهيل أكاديمي. كما أشار إلى أن هذا الملف طُرح ضمن الحوار الاجتماعي الأخير، ويُرتقب الشروع في إصلاحه قبل شتنبر 2025.
غير أن التدرج المهني، كصيغة قائمة على التعلم داخل المقاولات، يتطلب توفر بيئة مهنية منظمة، وشراكة فعلية بين الفاعلين العموميين والقطاع الخاص، وتقييما جادًا لجودة التكوين وظروف الاشتغال. وفي ظل هشاشة الاقتصاد غير المهيكل، ومحدودية الالتزام المقاولاتي في برامج الإدماج، تبرز تخوفات من تحويل البرنامج إلى أداة لتقنين هشاشة جديدة بدل تجاوزها.
إضافة إلى ذلك، لم توضح الوزارة طبيعة التكوينات المقترحة، ولا الآليات المعتمدة لضمان الجودة، كما لم يُكشف عن نتائج التقييمات السابقة لنظام التدرج المهني. الأمر الذي يفتح نقاشًا حول ما إذا كان التوسع الكمي المقترح قائمًا على معطيات دقيقة، أم مجرد رد فعل ظرفي على ضغط البطالة وتوقعات الرأي العام.
إن رفع عدد المستفيدين يظل هدفًا طموحًا من الناحية التقنية، لكن تحقيقه يبقى مرهونًا بإصلاحات موازية تشمل الحماية الاجتماعية، مراقبة ظروف العمل، وضمان مسارات إدماج فعالة بعد التكوين. فبدون منظومة واضحة للمتابعة والتأطير والتشغيل، قد يصبح التدرج المهني مجرد محطة عبور نحو البطالة المقنّعة.
بالمقابل، يتطلب هذا التحول تعبئة أكبر للفاعلين الترابيين، لا سيما أن الوزير دعا الجهات إلى المشاركة في تمويل البرنامج. إلا أن غياب التنسيق الفعلي بين مختلف مستويات التدبير العمومي، وسوء توزيع فرص التكوين بين المناطق، قد يعمّقان الفجوة الجهوية بدل ردمها.
وفي انتظار تفعيل هذه الخطة، يبقى الرهان الحقيقي هو الانتقال من منطق الكم إلى منطق الأثر، ومن تدبير العطالة إلى بناء سياسة تكوينية مندمجة، تراعي تحولات سوق الشغل وتعزز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفئات الهشة