ويكشف التقرير الأممي أن عدداً من البلدان الإفريقية، من بينها المغرب، تمكنت من تحديث مساهماتها الوطنية بشكل متقدم، لتشمل خططاً واضحة لخفض الانبعاثات في قطاعات حيوية كالفلاحة والطاقة والنقل. غير أن هذه الطموحات، رغم واقعيتها وأهميتها، تصطدم بندرة التمويل المناخي وضعف الدعم التكنولوجي، ما يجعل تنفيذها مرهوناً بإرادة المجتمع الدولي وقدرته على توفير التمويلات الموعودة.
ويشير الخبراء إلى أن المغرب، على غرار بعض الدول الإفريقية، قدم نموذجاً في الالتزام المناخي من خلال توسيع الاستثمار في الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية والريحية، وهو ما جعل مساهمته الوطنية تحظى بتقدير المؤسسات الدولية. لكن في المقابل، تظل الفاتورة مرتفعة، إذ تحتاج الدول الإفريقية إلى مئات المليارات من الدولارات من أجل بلوغ أهدافها المناخية بحلول عام 2030.
البيان يلفت الانتباه إلى التناقض الحاد بين المسؤولية المحدودة لإفريقيا في انبعاثات الكربون العالمية، حيث لا تتجاوز 4%، وبين حجم الخسائر الاقتصادية والبيئية التي تتحملها القارة بسبب الظواهر المناخية المتطرفة من جفاف وفيضانات وحرائق. وهذا الواقع يفرض – بحسب الأمم المتحدة – ضرورة إرساء عدالة مناخية تُمكّن القارة من الولوج إلى تمويلات منصفة ومستدامة.
كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى تعزيز شراكات دولية تقوم على الثقة والمسؤولية المشتركة، من خلال الإسراع في تعبئة الصناديق الخضراء، وضمان تحويل الوعود السابقة إلى التزامات فعلية، بدل الاكتفاء بالشعارات. فالقارة الإفريقية، التي تضم شريحة شبابية واسعة، تملك إمكانات هائلة للتحول إلى قطب للطاقة النظيفة، لكنها تحتاج إلى وسائل مادية وتقنية تجعلها قادرة على المنافسة عالمياً.
ويخلص التقرير إلى أن المساهمات الوطنية ليست مجرد التزامات ورقية، بل هي أدوات لمساءلة الحكومات وقياس مدى جدية المجتمع الدولي في مواجهة أخطر تحدٍ يهدد الإنسانية. وفي ظل التقاطعات بين التنمية والبيئة والاقتصاد، فإن مستقبل إفريقيا والمغرب يظل رهيناً بالقدرة على بناء تحالفات دولية تضع الإنصاف والواقعية في قلب المعادلة المناخية