وجاء رد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية “أونسا” سريعاً، من خلال بلاغ رسمي أكد فيه أن المكونات المذكورة في الفيديو، وهي الكاراجينان (E407)، والفوسفات ثلاثي الكالسيوم (E341)، والبوليفوسفات (E452)، مرخصة قانوناً داخل المغرب وتستعمل في صناعة الجبن المذوب والقابل للدهن وفق المعايير الوطنية والدولية المعتمدة. وأوضح المكتب أن هذه المواد مصرح بها أيضاً في الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة وأستراليا، وتوجد في منتجات غذائية مماثلة تسوّق في مختلف دول العالم دون أن تشكل خطراً على صحة المستهلكين.
وشدد المكتب على أن جميع المؤسسات الصناعية المنتجة للجبن بالمغرب تخضع لاعتماد صحي مسبق من طرف “أونسا”، كما تتم مراقبتها بشكل منتظم لضمان مطابقة منتجاتها لشروط السلامة الغذائية. وأكد أن الجبن المصنع داخل هذه الوحدات، بما في ذلك الأنواع التي تحتوي على المضافات المذكورة، لا يمثل أي تهديد صحي متى تم احترام الجرعات المسموح بها دولياً.
الجدل، رغم التوضيحات الرسمية، فتح الباب أمام نقاش أوسع حول علاقة المستهلك المغربي بالمعلومة الغذائية ومدى وعيه بالمكونات التي تدخل في صناعة المواد التي يستهلكها يومياً. فقد عبّر العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن قلقهم من “غياب التواصل الاستباقي” من قبل الجهات الرسمية، معتبرين أن الشفافية في تقديم المعلومات حول تركيبة المنتجات تمثل حقاً للمستهلك وليست مجرد إجراء إداري.
في المقابل، اعتبرت بعض جمعيات حماية المستهلك أن الفيديو الفرنسي، رغم مبالغاته، ساهم في إثارة نقاش صحي حول مراقبة جودة الأغذية بالمغرب، داعية إلى تعزيز التواصل بين المؤسسات العمومية والمواطنين، خاصة في ظل تزايد انتشار المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي. وطالبت بضرورة توسيع حملات التوعية حول مفهوم المضافات الغذائية وأدوارها في التصنيع، مذكّرة بأن هذه المواد ليست جميعها خطيرة بل تُستخدم في الغالب لتحسين القوام أو الحفظ أو الطعم ضمن حدود آمنة علمياً.
من جانبها، أكدت شركة “Fromagerie Bel” المغرب، المنتجة لجبن “كيري”، أنها تلتزم بأعلى معايير الجودة والسلامة، وأن جميع مكوناتها تتوافق مع المرسوم المغربي المنظم لاستعمال المضافات الغذائية. وأوضحت أن مصنعها بطنجة يخضع لمراقبة دورية من طرف “أونسا” والجهات المختصة، مشيرة إلى أن نفس المواد تُستخدم في بعض منتجات الشركة المسوقة في أوروبا، ما يؤكد تطابق معايير الجودة المعتمدة في السوق المغربية مع نظيرتها الدولية.
في نهاية المطاف، أظهر هذا الجدل أن النقاش حول سلامة المنتجات الغذائية في المغرب يتجاوز حدود الحالة الفردية، ليعكس حاجة متزايدة إلى بناء ثقافة غذائية قائمة على الثقة والمعرفة. فالمستهلك المغربي أصبح أكثر انتباهاً لما يستهلكه، والمؤسسات من جهتها مدعوة إلى تبني تواصل أكثر وضوحاً وشفافية، بما يعزز الثقة بين المواطن والمنتج ويضمن حق الجميع في غذاء آمن وسليم