وأشار إلى أن الخبراء المكلفين بالدراسة يشتغلون حالياً على بلورة مجموعة من السيناريوهات العملية والتوصيات القابلة للتنزيل، مؤكداً أنه سيتم إشراك مختلف الفاعلين والمتدخلين في القطاع فور الانتهاء من إعداد خلاصاتها، قبل المرور إلى مرحلة التفعيل.
وفي هذا السياق، قدم لفتيت معطيات رقمية تعكس الحجم الحقيقي لهذا القطاع على المستوى الوطني، مشيراً إلى أن أسطول سيارات الأجرة يضم حوالي 77 ألفاً و200 مركبة، تتوزع بين أزيد من 44 ألف سيارة من الصنف الأول (الكبير) ونحو 32 ألفاً و500 سيارة من الصنف الثاني (الصغير). كما أبرز أن القطاع يوفر فرص شغل مباشرة لما يقارب 180 ألف سائق، ما يمنحه بعداً اجتماعياً واقتصادياً حساساً يستدعي مقاربة إصلاحية متوازنة.
وأكد وزير الداخلية أن السلطات الإقليمية، بتنسيق مع المصالح المركزية للوزارة، عملت خلال السنوات الأخيرة على تنزيل خارطة طريق مندمجة لإعادة تأهيل القطاع، انطلاقاً من وعيها بأهميته وحجم التحديات التي يواجهها. وترتكز هذه الخارطة، بحسب الوزير، على تحيين القرارات التنظيمية المؤطرة لمساطر تدبير رخص سيارات الأجرة، وتحديد مواصفات المركبات وشروط استغلالها، إلى جانب السعي إلى تكريس مهنية القطاع.
وفي هذا الإطار، شدد لفتيت على أن من بين التدابير الأساسية المتخذة حصر استغلال رخص سيارات الأجرة على السائقين المهنيين، وعدم المصادقة على تفويض الاستغلال بالنسبة للعقود الجديدة أو عند تجديد عقود المستغلين غير المهنيين، في خطوة تهدف إلى الحد من المضاربات وتحسين شروط العمل داخل القطاع.
وعلى مستوى تحديث الأسطول، أوضح الوزير أن برنامج دعم تجديد سيارات الأجرة، بصنفيها الكبير والصغير، مكّن، بعد تمديد العمل به لعدة فترات، من تجديد ما يقارب 80 في المائة من الأسطول الوطني. وأسهم هذا البرنامج في تقليص متوسط عمر المركبات من حوالي 25 سنة إلى نحو 8 سنوات، ما انعكس إيجاباً على السلامة وجودة الخدمات. غير أن لفتيت أشار إلى أن البرنامج تم توقيفه بشكل مرحلي في انتظار بلورة رؤية واضحة حول مستقبل القطاع في إطار الإصلاح الشامل المرتقب.
وفي ما يتعلق بجودة الخدمات المقدمة للمرتفقين، أكد وزير الداخلية أن السلطات المختصة تواصل مجهوداتها لتعزيز المراقبة والتحسيس، بهدف فرض احترام شروط تقديم الخدمة والتسعيرة القانونية، والتصدي للممارسات المخالفة للقوانين وأخلاقيات المهنة. وفي هذا السياق، تم خلال سنة 2025 تسجيل نحو 5 آلاف مخالفة، أسفرت عن السحب المؤقت أو النهائي لأزيد من 1500 رخصة ثقة.
ورغم هذه المجهودات، أقر الوزير بأن قطاع سيارات الأجرة لا يزال يواجه اختلالات بنيوية عميقة، من أبرزها استمرار شكاوى فئة من المواطنين بشأن جودة الخدمات، وغياب التوازن بين العرض والطلب في عدد من المدن والمناطق، فضلاً عن محدودية الإطار القانوني المنظم للقطاع، وهشاشة نموذج استغلال الرخص، وتعدد المتدخلين، وما يترتب عن ذلك من نزاعات مهنية وقانونية.
كما توقف لفتيت عند بطء وتيرة اعتماد التقنيات الرقمية الحديثة داخل القطاع، خصوصاً ما يتعلق بتطبيقات الهواتف الذكية وأنظمة الوساطة وتحديد المواقع، معتبراً أن هذا التأخر يحد من قدرة سيارات الأجرة على مواكبة التحولات التي يعرفها مجال النقل الحضري، ويؤثر على تنافسيته مقارنة بباقي أنماط النقل الحديثة.
وختم وزير الداخلية بالتأكيد على أن الدراسة الاستراتيجية الجارية تشكل مدخلاً أساسياً لإرساء إصلاح متكامل لقطاع سيارات الأجرة، يقوم على إعادة تنظيمه وتأهيله، وضمان الحقوق الاجتماعية للمهنيين، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، في أفق بناء منظومة نقل حضري أكثر نجاعة وعدالة واستدامة
الرئيسية





















































