المنصة، التي لا تزال في طور الإعداد التقني، تأتي في سياق تنامي ظاهرة الاحتيال عبر الإنترنت، حيث يُستدرج المواطنون عبر وعود كاذبة بمكاسب مالية مغرية، ليجدوا أنفسهم في النهاية ضحايا لشبكات معقدة تستخدم التكنولوجيا كأداة للإيقاع بالفئات الهشة، خصوصًا الشباب.
وأكدت فتاح، في جواب رسمي على سؤال برلماني، أن هذه المبادرة تدخل ضمن خطة أشمل لتعزيز الأمن الرقمي وتضييق الخناق على الحسابات الوهمية التي تُستخدم كواجهات لنشاط احتيالي منظّم. وتستند الخطة إلى التنسيق الوثيق بين السلطات المالية ومزودي خدمات الإنترنت، بهدف التدخل العاجل عند أول إشارة.
لكن، وفي ظل محدودية الثقة في فعالية الاستجابة المؤسساتية، يُطرح سؤال جوهري: هل ستمثل هذه المنصة أداة حقيقية لردع الجريمة الرقمية، أم ستكون مجرد واجهة رمزية؟
الوزيرة شددت على أن المنصة لن تكون مجرد “صندوق شكاوى إلكتروني”، بل ستُربط مباشرة بالهيئات الرقابية مثل الهيئة الوطنية للمعلومات المالية والأمن الوطني، بهدف تسريع المعالجة وتفكيك الشبكات الإجرامية قبل اتساع دائرة الضحايا. كما يجري العمل على تكييف الإطار القانوني ليكون أكثر صرامة في مواجهة هذا النوع من الجرائم ذات الطابع العابر للحدود.
وتُعوّل الحكومة على الذكاء الاصطناعي لرصد التحركات غير الاعتيادية وتحليل البيانات المرتبطة بالتحويلات المشبوهة. لكن التحدي الأكبر يبقى في الاستباق، لا في رد الفعل، خاصة أن الوقائع الأخيرة كشفت هشاشة أنظمة الإنذار المبكر.
من جهتها، أثارت النائبة البرلمانية لبنى الصغيري، التي طرحت السؤال البرلماني، انتقادات واضحة لأداء الأجهزة الرقابية، متسائلة عن مدى يقظتها حيال عملية نصب جماعية طالت الآلاف في مدن مختلفة، استغل فيها الجناة منصة استثمارية رقمية وهمية قدمت وعودًا بأرباح يومية، قبل أن تختفي دون أثر.
وتساءلت الصغيري عن سبب عدم تحرك السلطات رغم ضخامة التحويلات المالية التي نُفذت، ما يثير تساؤلات أوسع حول فعالية نظم تبادل المعلومات المالية داخل المنظومة المصرفية والرقابية في المغرب.
ومع تصاعد هذه القضايا، تتجه الحكومة لتوسيع حملات التوعية الرقمية، خصوصًا بين الشباب الذين يشكلون الفئة الأكثر عرضة لهذه الأنماط من النصب، نظرًا لارتباطهم الوثيق بالفضاء الافتراضي، وسهولة اختراقهم بالخطاب التسويقي المغرِي.
المرحلة المقبلة، كما توضح الوزيرة، لن تكون فقط تقنية أو قانونية، بل تربوية أيضًا، تعتمد على إشراك المواطن كمستفيد ومراقب في آنٍ واحد. وتلك هي المعركة الحقيقية: كسب ثقة المجتمع الرقمي في مؤسسات الدولة