استندت رئيسة الهيئة إلى معطيات رقمية صادمة، حيث كشف تقرير “رويترز” للأخبار الرقمية لعام 2025 أن أكثر من 70% من مستخدمي الإنترنت في المغرب باتوا يعتمدون على المنصات الرقمية، مثل يوتيوب وفيسبوك، كمصدر أساسي للأخبار، متجاوزين بذلك الإعلام التقليدي. ومع ذلك، لا يزال التلفزيون الوطني يحافظ على مكانة مهمة بنسبة متابعة تفوق 66%، ما يعكس تحدياً مزدوجاً يتمثل في تنوع مصادر المعلومات، مع اختلاف معايير المصداقية والجودة.
وأكدت أخرباش أن التحول الرقمي يسهل إنتاج الأخبار الزائفة ويخفض كلفتها، ما يعقد مهمة الجمهور في التمييز بين المعلومة الصحيحة والمضللة، خصوصاً مع انتشار أدوات التضليل الحديثة، مثل الإحصائيات المزيفة، الخرائط الجغرافية المحرفة، ونسب الدعم المفبركة لدول ومنظمات دولية، إلى جانب استخدام تقنيات “الزيف العميق” والحسابات الآلية التي تضخم سرديات الإثارة والتحريض العاطفي.
وشددت على البعد السيادي للتحديات الإعلامية، مؤكدة أن المغرب يتعرض لحملات ممنهجة تستهدف قضاياه الاستراتيجية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، داعية إلى ضرورة حماية الفضاء الإعلامي الوطني من التلاعب الرقمي والتضليل الدولي. كما حذرت من الفراغ القانوني الذي يصاحب تطور الذكاء الاصطناعي، والذي أصبح عاملاً رئيسياً في تعزيز التضليل وتقويض الثقة في المؤسسات، في ظل غياب قواعد حوكمة عالمية ملزمة.
وأشارت إلى أن مواجهة هذا الطوفان من الأخبار الزائفة لا يمكن أن تقتصر على التكذيب أو حذف المحتوى، بل تتطلب بناء صمود إعلامي حقيقي ومستدام، يقوم على سياسات عمومية إرادية لدعم الصحافة المهنية، وتمكينها من أداء دور السلطة المضادة، وتنظيم سوق الإشهار ليكون أكثر شفافية وعدلاً.
كما دعت إلى تعميم التربية الإعلامية والرقمية، لتمكين المواطنين من ممارسة نقدية مسؤولة تجاه الأخبار والمعلومات، مما يعزز قدرة المجتمع على حماية نفسه من التضليل، ويحافظ على التماسك الوطني ويصون الفضاء الديمقراطي من الانزلاق نحو الانحراف الرقمي.
في الختام، أكدت لطيفة أخرباش أن بناء مناعة إعلامية قوية يتطلب جهوداً مشتركة بين السلطات، وسائل الإعلام، والمواطنين أنفسهم، لضمان تلقي المعلومة الصحيحة، وتحصين المجتمع ضد محاولات التشويش والتضليل التي تشهدها البيئة الرقمية المتسارعة، بما يسهم في تعزيز ثقافة إعلامية واعية ومسؤولة في المغرب
الرئيسية





















































