الرئيسية
المجلس رأى في هذا التعديل ضربًا لمبدأ المشاركة المجتمعية في محاربة الفساد، واعتبر أن هذه المقاربة تُضعف المنظومة القضائية، وتُحجم من فعاليتها في مواجهة جرائم المال العام، التي تتطلب، بحسب رأيه، انخراطًا أوسع من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني معًا، بدل الاكتفاء بالتقارير الإدارية.
وفي تحليله لهذا التعديل، عبّر المجلس عن قلقه من تداعياته القانونية والدستورية، وذهب أبعد من ذلك، حين وصفه بغير المنسجم مع التزامات المغرب الدولية في مجال الشفافية ومحاربة الرشوة، مؤكداً أن إغلاق باب التبليغ أمام الأفراد أو الجمعيات هو إجراء لا يخدم العدالة، بل قد يمنح غطاءً للصمت والتواطؤ.
المثير في موقف المجلس أيضاً، أنه لم يغفل الإشارة إلى الفقرة الاستثنائية التي تسمح بتدخل النيابة العامة في حالات التلبس، معتبراً أن هذا الاستثناء لا يغيّر من جوهر المشكلة، لأن مثل هذه الحالات نادرة جدًا في جرائم الفساد، التي غالبًا ما تكون مركبة وغير مباشرة، وتتفادى أن تقع في حالة تلبس.
وما يزيد الوضع تعقيدًا، حسب المجلس، هو أن مشروع القانون الجديد يُحيل جزءًا مهمًا من مقتضياته على نصوص تنظيمية مؤجلة، لم يُحدد لها أي إطار زمني، ما يهدد بتجميد فعلي لعدد من الآليات التي يُفترض أن تواكب هذا الإصلاح، ويطرح علامات استفهام حول الجدوى من التعديلات المقترحة.
بالمقابل، شدد المجلس على أهمية الإبقاء على قنوات التبليغ مفتوحة، وعدم عزل المواطنين والجمعيات عن المعركة ضد الفساد، خاصة عبر تفعيل دور الهيئة الوطنية للنزاهة، التي تُعتبر بوابة مؤسساتية فعالة لإحالة الشكايات على النيابة العامة.
وفي ختام موقفه، طالب المجلس بتحصين الحق في التبليغ قانونيًا، وضمان آليات لتفادي الشكايات الكيدية دون التضييق على المواطنين، مع التأكيد على ضرورة تمكين النيابة العامة من الاستمرار في أداء دورها كاملاً في ملاحقة قضايا الفساد، باعتبارها جهة مستقلة تُمثل روح العدالة، وجزءًا لا يتجزأ من ضمان ثقة المغاربة في مؤسساتهم
