أخبار بلا حدود

ريتشارد بروز: قصة المتهم الذي هرب من العدالة لعقود وعاد ليواجهها


أصدرت محكمة "تشستر كراون" البريطانية حكماً بالسجن لمدة 46 عاماً على المتهم ريتشارد بروز، البالغ من العمر 81 عاماً، بعد إدانته بارتكاب 97 جريمة اعتداء جنسي على الأطفال، في واحدة من أبشع القضايا الجنائية التي كشفت النقاب عن عقود من الانتهاكات والفرار من العدالة.



وتعود الجرائم التي ارتكبها بروز إلى الفترة ما بين عامي 1968 و1995، حيث استغل موقعه كمشرف في مدرسة داخلية بمنطقة تشيشاير، بالإضافة إلى نشاطه في حركة الكشافة بمنطقة "ويست ميدلاندز"، لاستدراج الأطفال والاعتداء عليهم. وأظهرت التحقيقات أن بعض الضحايا كانوا لا يتجاوزون التاسعة من العمر عندما تعرضوا لهذه الانتهاكات.

ورغم طرده من المدرسة عام 1971 ومن حركة الكشافة في التسعينيات، لم يتم إبلاغ الشرطة حينها، مما منح بروز الفرصة لمواصلة ارتكاب جرائمه لسنوات طويلة دون رادع.

بعد تصاعد الشكاوى ضده، فرّ بروز إلى تايلاند في التسعينيات، حيث عاش هناك لأكثر من 27 عاماً مستخدماً هوية مزيفة لتجنب الملاحقة القانونية. لكن في عام 2024، وبعد نفاد أمواله، عاد إلى المملكة المتحدة، ليتم القبض عليه فور وصوله. عودته كانت بمثابة إعادة فتح لملف الجرائم التي اعتقد أنها طويت إلى الأبد.

خلال جلسات المحاكمة، استمعت المحكمة إلى شهادات الضحايا الذين عانوا من الاعتداءات التي ارتكبها بروز خلال طفولتهم. وتحدث الضحايا عن الألم النفسي العميق الذي عاشوه لسنوات طويلة، حيث وصفوا كيف أثرت الجرائم على حياتهم وعلاقاتهم الشخصية.

القاضي ستيفن إيفيريت وصف المتهم بأنه "شخص استغل السلطة والثقة لتحقيق رغبات شخصية منحرفة"، مؤكداً أن فرار بروز الطويل ضاعف من معاناة الضحايا، الذين ظلوا ينتظرون العدالة لعقود.

كان لبرنامج "Crimewatch" دور كبير في الكشف عن ضحايا جدد وتعزيز التحقيقات. فقد ساعد العرض التلفزيوني للقضية في تسليط الضوء على الجرائم وتشجيع المزيد من الناجين على التقدم للإبلاغ عن الانتهاكات التي تعرضوا لها، مما ساهم في بناء قضية قوية ضد بروز.

أعربت جمعية الكشافة البريطانية عن تضامنها الكامل مع الضحايا، مشيرة إلى أنها ستراجع الإجراءات التي اتُخذت في التسعينيات بعد ورود شكاوى ضد المتهم. وأكدت الجمعية أن هذه القضية تمثل درساً مهماً حول ضرورة التعامل بجدية مع أي شكاوى تتعلق بالاعتداءات الجنسية، لضمان حماية الأطفال ومنع تكرار مثل هذه الحوادث.

أكدت النيابة العامة أن الحكم الصادر بحق بروز يمثل رسالة قوية بأن العدالة لا تسقط بالتقادم، وأن الجرائم الجنسية ستظل ملاحقة مهما طال الزمن. كما دعت الناجين من الاعتداءات الجنسية إلى التقدم للإبلاغ عن الجرائم التي تعرضوا لها، مشيرة إلى أن هناك دعماً متزايداً لهم لضمان حصولهم على العدالة.

قضية ريتشارد بروز ليست مجرد قصة عن الجرائم والانتهاكات، بل هي أيضاً شهادة على صمود الضحايا وإصرارهم على تحقيق العدالة، حتى بعد عقود من المعاناة. كما أنها تذكير بأهمية تعزيز آليات حماية الأطفال ومحاسبة المعتدين، بغض النظر عن الزمن الذي مضى على جرائمهم. الحكم الصادر بحق بروز يعكس التزام القضاء البريطاني بملاحقة المجرمين وضمان أن العدالة ستأخذ مجراها، مهما طال الانتظار.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 9 ماي 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic