شيخ يواجه آخر معاركه
يبلغ خامنئي من العمر أكثر من 86 عامًا، ويعاني من أمراض مزمنة تحد من نشاطه العلني، لكنه يتسم بإصرار قوي على تعزيز خطاب المقاومة والمصير المشترك مع جمهوره الداخلي. وبعد الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية مؤخراً، بدا وكأنه يُهيئ البلاد لـ"تضحية عظيمة"، مستغلاً الصورة الدينية للشهادة التي تحتل مكانة مركزية في الوجدان الشيعي. ويتكرر في خطبه تشبيه نفسه بالإمام الحسين، ما يعزز فكرة أن النهاية البطولية هي ما يسعى إليها.
التديّن في خدمة السياسة
يرى مراقبون أن هذا الخطاب الديني يحمل بعدًا سياسيًا واضحًا، فهو أداة يستخدمها خامنئي لتوحيد الصف الداخلي في ظل أزمات اقتصادية خانقة واحتجاجات اجتماعية متزايدة. تستثمر القيادة هذه الرموز الدينية لتكريس الشعور بالمظلومية والصمود في وجه الضغوط الداخلية والخارجية، لتثبيت شرعية النظام وسط تحديات متنامية.
ومع ذلك، يحذر محللون آخرون من أن الانجراف وراء حلم الشهادة قد يدفع النظام إلى اتخاذ قرارات متهورة، تُعرض إيران لصراعات داخلية وخارجية مدمرة، قد تقود البلاد إلى مأزق وجودي عميق.
غموض في ظل أزمة خلافة محتملة
أي رحيل مفاجئ لخامنئي، سواء كان وفاة طبيعية أو استشهادًا، يهدد بفتح باب فراغ قيادي حاد داخل النظام الإيراني. المؤسسات الدينية والسياسية لم تُهيئ بعد ترتيبات واضحة لما بعد المرشد، مما قد يؤدي إلى انقسامات بين المحافظين والإصلاحيين، وربما صراعات بين أجنحة الحرس الثوري. لا يوجد حتى الآن توافق واضح على خليفة محتمل، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار السياسي.
يبدو أن خامنئي يمضي على خطٍ رفيع بين الطموح الرمزي لدوره كـ"شهيد قائد" وبين واقع الدولة المعقد المليء بالتحديات. ربما لا ينوي المرشد حقًا الموت، لكنه يحرص على أن يترك إرثًا ذا بُعد أسطوري يرسخ مكانته في التاريخ ويعزز من قوة النظام في مواجهة الأعداء.
لكن إن لم ينجح في إدارة هذا التوازن بين الرمزية والخبرة السياسية، فقد تتحول هذه "الشهادة الرمزية" إلى عبء ثقيل يثقل كاهل إيران، مما يفتح الباب أمام فوضى قد تهدد استقرار الدولة والمجتمع بأسره